إنقاذ الطفل ريان

إنقاذ الطفل ريان
*************
بقلم السيناريست/ عماد يوسف النشار
عضو اتحاد كتاب مصر .
الحمدلله الذي أخرج الطفل ريان من الجب السحيق بعد أيام انخلعت فيها قلوب الملايين التي لم تتوقف ألسنتهم عن الدعاء له، حتى رده الله لحضن أمه كي تقر عينيها ولاتحزن ، ولكن من المفارقات التي تستحق -بعد التأمل- الرثاء على حالنا البائس ، أن الجب سبب المأساة الذي كان سيؤدي بحياة الطفل من صنع أيدينا ، بينما المعدات المستخدمة في إنقاذه من صنع الغرب ، كذلك وسائل الإتصال و التواصل ، التي لولاها ماكان سمع به أحد ولا نال كل هذا الإهتمام الذي ساهم بشكل كبير في تسخير كل الإمكانيات “المستوردة” لإنقاذه ، هل لوكان حيوان أو طائر في الغرب-ولن اقول إنسان- أصابهم ماأصاب ريان ، كانت عملية الإنقاذ ستستغرق كل هذا الوقت ؟ كلا وألف كلا ، بل ستكون عملية إنقاذ هوليودية بإمتياز تحظى بمتابعة مليارات البشر حول العالم ، وذلك بعدما يتم تشكيل غرفة عمليات على أعلى مستوى يتم تسخير لها كافة الإمكانيات من أقمار صناعية وأجهزة استشعار ومعددات مخصصة من نتاج عقولهم وصنع أيديهم ، والإستعانة فيها بصفوة علماء التربة والطقس والطب والتكنولوچيا ، وطواقم الإنقاذ والحماية المدربة من الجيش والشرطة والشركات المتخصصة ، إلى جانب ألاف المتطوعين الذين سيعرضون أفكارهم وإبتكاراتهم للمساهمة في عملية الإنقاذ وليس الدعاء فقط وتفعيل الهاشتاجات ، ومهما كانت صعوبة العملية وتعقيداتها ،وإستحالة وصول أيدى البشر لإنقاذ الروح القابعة في باطن الأرض ، كانوا على الفور سيستعيضوا عن البشر بإنسان آلي ”روبوت“ مصمم خصيصًا أو سيتم تصميمه وبرمجته بأقصى سرعة لتنفيذ هذه المهمة، وسيتم إنزاله على الفور ليلتقط الضحية بعدما يوفروا له كل عوامل الأمان والسلامة بناء على تقارير وإرشدات كل العقول النابهة التي تم الإستعانة بها ، وسط إنبهار وإحترام العالم لهم ،لتزداد عقدة ”الخواجة“ تعقيدًا ،وليظل العالم الثالث والعربي على وجه الخصوص غارق في “شبر ميه” رغم إمتلاكه الثروات البشرية التي لاينقصها إلا التعليم الجيد والثروات الطبيعية التي يتم إهدار عوائدها على حفلات الإسفاف وهدايا السفهاء، لم نسمع عن من أهدوا سيارات بملايين الجنيهات للمزيفين راكبي التريند ، قاموا بإستقدام طواقم إنقاذ محترفة من الخارج لإنقاذ روح الطفل ريان ببعض من ملاينهم الملقاه على الحناجر الناهقة والأقدام والأرداف.
لقد أنقذت العناية الإلهية ريان وأخرجته من الجب رحمة به و بأمه وإستجابة لدعاء الملايين ، كما أخرجت معه-من جديد- عجزنا وتخلفنا المؤكد عن اللحاق بركب العالم من حولنا حتى وإن أشاعةالصورة عكس ذلك .

شاهد أيضاً

دعامات القيادة بقلم محمد تقي الدين

دعامات القيادة بقلم محمد تقي الدين القيادة درب العظماء يسعى إليها كل عظيم لكن هيهات …