إلى المهاجرين الجدد في هذا الزمان
كتب سمير ألحيان إبن الحسين
__ قال تعالى:
“يوم ندعو كل أناس بإمامهم”
قال بعض المفسرين في تفسيرها:
(يأتي كل امرئ يوم القيامة تحت راية من كان على خلقه وعمله وسجيته)
فيأتي المؤذنون تحت راية بلال، ويأتي المجاهدون تحت راية خالد، ويأتي المقسطون تحت راية عمر.
قلت لصاحبي:
وقياسا على نفس المعنى يأتي المهاجرون لدينهم الفارون بعقيدتهم تحت راية جعفر ومصعب بن عمير ..
قال لي:أراك توزع على الناس حتى أعطيات الآخرة؟!
فقلت للمسكين:
وما الذي ينقص المطاردين في منافي الأرض، الذين ناموا على أرصفة تركيا، وطووا أياما على الجوع في بلاد إفريقيا الواسعة، وأوروبا، وآسيا، وفرق المجرمون بينهم وبين زوجاتهم وأولادهم في شتى بقاع الأرض سنينا؟!
ما الذي ينقص هؤلاء حتى يحرمهم الله من ظل راية جعفر يوم القيامة إذا كانت لله هجرتهم، وللدين غربتهم؟!!
أو تظن عدل الله-وحاشاه سبحانه-يحرم الآخرين مما أعطاه الأولين؟!
لقد عاش جعفر وأصحابه عند ملك عادل آواهم وأسكنهم وأمنهم حتى بلغوا الدين، واستنبتوا شجرة له في إفريقيا… بينما جعفر اليوم يلاحقه الانتربول، ويُهدَّد بالطرد، ولا يأمن على نفسه، جراء ملاحقة الظالمين له في كل مكان..
وجعفر الأمس هاجرت معه زوجه أسماء بنت عميس…بينما أعرف ألف جعفر حالت الحاجة، وقلة المال وبغي السلطان أن يلتئم شمل بيته بمجيء عياله واحتضان أولاده؟!
أطرق صاحبي وقال: سامحني الله..لقد ضيقت واسعا…وظلمت جعفر اليوم وإخوانه..
فقلت: لا عليك أخي…فلست اول ظالم لهم!!
أيها الجعفريون الجدد…أخلصوا لله نواياكم…وافتحوا كل حبشة تطؤونها…ولا تجعلوا كل همكم طعام عيالكم..أو أمان معيشتكم..
فراية جعفر التي تنتظر إظلالكم يوم القيامة لن تمد ظلالها إلا لجعفر وأسماء اللذين خرجوا لله، واغتربوا لله…
وإذا كان بعضكم قد فاتته نية أن يكون جعفريا… فلا بأس أن يجدد نيته..فقد أجاز علماؤنا النية بعدما يبدأ العمل..
فلتجعلوا أماكنكم حبشات… حتى لا تخطئكم يوم الحشر الرايات.
وكأن رسالة الهجرة مفادها:
أن دينك أعز من وطنك حتى ولو كان بقداسة مكة…
وأن طريقك لا بد له من رفيق حتى ولو كنت نبيا….
وأن أي دعوة حقة لا بد لها من قوة وأنصار وإلا أكلتها أحقاد الفجار.. وأن معرفة المهاجر خطة هجرته ومبتغى دعوته يهون عليه ضيق الغار وتتبع العدو ووعورة الطريق….
وأن ليالي مكة الشديدة ستنسينا آلامها أيام المدينة الجديدة…
وأنه لولا دماء ياسر وسمية ما كان ثبات الصحب حتى موعد الهجرة النبوية.
الهجرة حدث دائم يعيشه أحفاد المهاجرين الأول… وليتهم يكملون حتى يبلغوا مشارف المدينة.
وما أظنهم بعيدين عنها.