إلى الشموع المتبقية 

إلى الشموع المتبقية 
كتب سمير ألحيان إبن الحسين
__ إن قدر الله لك أن تكون قدوة في دينك بين عائلتك..
أو طاهر اليد في بيئة تغشى الحرام وتقبله، بل وتسعى إليه..
أو عفيف اللسان في مجتمع يقذف ويسب..
أو مشغولا بالدين بين قوم تافهين يشغلهم هدف اللاعب عن قذيفة العدو..
باختصار شديد…
إن قدر الله لك أن تكون شمعة وحيدة بين ظلام كثيف.. فاصمد لما أنت عليه، واثبت ما استطعت..
لأن هذا الخير الذي أبقاه الله فيك…إنما هو بمثابة المتكأ الأخير للمتعبين، وشعار الدين الوحيد بين الضائعين والمفرطين، ورافع النقمة ودافعها عن المذنبين..
الخيرون القلائل آخر حصون المجتمعات..
ربما يشتكون غربتهم بين الناس، وفَرَادَتهم بين الخلق… لكنهم لو تفكروا فيما أبقاهم الله له، لعلموا أنهم على ثغر عظيم!!
قال أبو مسلم:
سمعت علياًّ رضي الله عنه يقول:
“لولا بقية من المسلمين فيكم لهلكتم”
وعن ابن عباس في تفسير قوله تعالى:
“ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض”
قال: يدفع الله بمن يصلي عمن لا يصلي، وبمن يحج عمن لا يحج، وبمن يزكي عمن لا يزكي”
أي يؤخر عذاب هذا بذاك لعله تدركه رحمة الله ويتوب بعد حين..
الثابتون على هداياتهم ملح الأرض وحماتها من العذاب..
الباقون ولو وحدهم إنما يرسلون رسالة بالحال قبل المقال أن الدنيا ما زالت بخير..
لا يغرنكم صخب العصاة، وكثرة عددهم فهم أضعف ما يكونون عند ألم المرض، وصوت الرعد، وهزة الزلزال..
ولا تنظروا إليهم بعين المقت، ولكن انظروا بعين الشفقة..
فلربما لو هداهم الله إلى معشار ما هداكم إليه لكانوا خيرا منكم…
وكثيرا ما رأينا ذلك..
ثم اكرهوا الفعل لا الفاعل، والمعصية لا العاصي… واحمدوا الله على المعافاة، واجعل شكر الله عليها أن تبقي في الناس شعارك وآثارك..
ومن يدري…لعل نورا أو أنوارا جديدة تلحق بك… تلتقط نارها من شمعتك ولو بعد حين… فإذا العالم الجدب الموحش يستحيل مروجا وأنهارا!!
باختصار… اثبت على ثغر الطهر، واصمد وإن كنت وحدك… فحامل الراية في المعارك هو الذي يجتمع عليه بقية الجنود الفارِّين ولو بعد حين..
فكن أنت هو في معارك الأخلاق والطهر والصلاح حتى يأوي إلى رايتك غيرك فتستريح أنت…وإن كنت لا أرى لمثلك مستراحا إلا في الجنة!!

شاهد أيضاً

للإخلاص أعماق :

للإخلاص أعماق : كتب سمير ألحيان إبن الحسين __ للإخلاص ياأصحابي ويا إخواني آثارٌ وخصائص …