إسلاميات.. ومع السرقة والمال العام
إعداد / محمـــد الدكـــرورى
إحذر عبد الله المؤمن من الخيانة واحذر أن تكون من الخائنين وجاهد نفسك على الأمانة في جميع أحوالك، فتكون هناك أمانة مع الله وأمانة في حقوق رسول الله صلوات الله وسلامه عليه وأمانة في حقوق عباد الله، ونذكر بهذه المسؤولية العظيمة اتجاه المعلمين والمربين، واتجاه الطلاب والطالبات، فالكل مؤتمن، فالمعلم مؤتمن في تصحيحه وفي أسئلته وفي مراقبته للطلاب، والطالب مؤتمن في إجابته وفي بُعده عن الغش والخيانة، وقد قال عليه الصلاة والسلام ” من غشنا فليس منا ” فاتقوا الله وراقبوه في السر والعلانية والغيب والشهادة، واعلموا أنه سبحانه لا تخفى عليه منكم خافية، واعلموا أنه سبحانه يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
فالسر عنده شهادة والغيب عنده علانية، لا تخفى عليه خافية، فإن الأمانة ضد الخيانة، والأمانة هي طاعة الله تعالى في السر والعلن، وإن كلمة الأمانة لتعجز الأقلام مهما كثرت عن أداء حقها كاملا، وإنما تستطيع الأقلام أن تقتبس من مشكاة معانيها أمورا لا تحد ولا تعد، فالأمانة تشمل الحياة كلها، ولنستمع إلى قول الله تعالى بهذا البيان المهيب الرهيب مبينا شأن عظم الأمانة، فيقول تعالى “إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا” فهل فهمت الآن على ما تدل الأمانة عليه؟ إنها أوسع من أن تكون محصورة في معنى واحد، وإن في المدلول اللغوي فتجد أن الأمانة ضد الخيانة.
فإذا ائتمنك إنسان على مال أن ترده إليه، وإلا تفعل فهي الخيانة، وإذا أتمنت على سر ألا تفشيه وإلا فهي الخيانة، والشارع الحكيم قد بين معنى الأمانة إجمالا والحديث الشريف بين بعض مواقف الخيانة فقال صلى الله عليه وسلم “آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان” متفق عليه، وفي رواية أخرى قال صلى الله عليه وسلم “وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم” وفي حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدث أصحاب عن رفع الأمانة أن الرجل ينام النومة فتقبض الأمانة من قلبه، فيصبح الناس يتبايعون فلا يكاد أحد يؤدي الأمانة، حتى يقال إن في بني فلان رجلا أمينا حتى يقال للرجل ما أجلده إما أظرفه ما أعقله.
وما في قلبه مثقال حبة من خردل من الإيمان” وهذه الأحاديث حضّ للمسلم على حفظ الأمانة، والأمانة تبدأ من الفرد في نفسه وتكون في العبادات أن يقيم المسلم الشعائر على وجهها وتشتمل الرجل في أهل بيته والمرأة في بيت زوجها والخادم عند سيده والحاكم، والمحكوم، والقاضي والمتقاضي والبائع والمشتري، والمعلم والتلاميذ والمدير والمعلمين والعامل في معمله والمزارع في مزرعته، وإن الأمانة تشمل الحياة كلها، فقال صلى الله عليه وسلم “كلكم راع وكل راع مسؤول عن رعيته” ومن الأمانة إعطاء كل ذي حق حقه، ومن الأمانة وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، فلقد ورد أن رجلا في دولة ما، دعي إلى المحكمة بتهمة الخيانة، فلما مثل أمام القضاء.
قال له القاضي لم توجه إليك التهمة بجرم مشهود وإنما وجهت إليك التهمة بآثار فعلك فقال المتهم وكيف؟ قال القاضي أنت مسؤول، وقد عينت الموظف في المكان غير المناسب، فقرر القاضي أن هذا المتهم مذنب، واعترف المتهم أنه جاسوس، والأمانة تشمل كل مكارم الأخلاق، فتشمل الإخلاص والصدق والبر والعفة وحفظ السر وحفظ الوديعة، وحفظ الإيماء والإشارة حتى لا يكون صاحبها همازا لمازا، فالأمانة هي مكارم الأخلاق، ولقد كثرت الفتن في هذه الأيام، نتيجة انفتاح العالم على قنوات أكثرها ينقل الإفساد العقائدي والانحطاط الخلقي
فأما عن الإفساد العقائدي، وهو المتعلق بالألوهية وأكثر ما يتجلى هذا في أفلام الأطفال، حيث يخيل أن السحاب يعطيه، وأن بابا نوبل يحقق له أحلامه.