إن من الآداب الإسلامية في إلقاء تحية الإسلام هو أن يسلم الرجل على الصبيان إذا لقيهم، فعند الإمام مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على صبيان يلعبون فسلم عليهم، وفيه دليل على التواضع والرحمة، كما أن فيه تربية الناشئة على تعاليم الإسلام وغير ذلك من الفوائد، وأيضا البشاشة وطلاقة الوجه والمصافحة، فعن البراء رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يتفرقا ” رواه أبو داود، وعن أنس أبن مالك رضي الله عنه قال كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا تلاقوا تصافحوا، وإذا قدموا من سفر تعانقوا” رواه الطبراني، وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال.
” إن المؤمن إذا لقي المؤمن فسلم عليه وأخذ بيده فصافحه تناثرت خطاياهما كما يتناثر ورق الشجر” رواه الطبراني، وعن قتادة رضي الله عنه قال قلت لأنس بن مالك رضي الله عنه أكانت المصافحة في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال نعم ” رواه البخاري، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال “كان النبي إذا استقبله الرجل فصافحه لا ينزع يده من يده حتى يكون الرجل الذي ينزع” رواه الترمذيٍ، وكما يجب الحرص على السلام بالألفاظ الواردة في السنة النبوية الشريفة، وعدم الزيادة عليها أو النقصان، أو استبدالها بألفاظ أخرى مثل صباح الخير، أو مساء الخير أو غير ذلك من الألفاظ، والمحذور أن تكون هذه الألفاظ بديلة للسلام، أما إن سلم السلام الوارد في السنة ودعا بعد ذلك بما شاء فلا بأس.
وعجبا لكثير من الذين استبدلوا بالسلام تحية ما أنزل الله بها من سلطان، ولا شرعها النبي صلى الله عليه وسلم لأمّته، متبعين في ذلك غير المسلمين، وعن أبي هريرة رضى الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم” رواه مسلم، وقد قال الإمام النووي فى قوله صلى الله عليه وسلم “لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا” معناه لا يكمُل إيمانكم ولا يصلح حالكم إلا بالتحاب، وأما قوله “أفشوا السلام بينكم” فهو بقطع الهمزة المفتوحة، وفيه الحث العظيم على إفشاء السلام وبذله للمسلمين كلهم مَن عرفت، ومَن لم تعرف، كما تقدم في الحديث الآخر، والسلام أول أسباب التآلف، ومفتاح استجلاب المودة.
وفي إفشائه تمكن ألفة المسلمين بعضهم لبعض، وإظهار شعارهم المميز لهم من غيرهم من أهل الملل، مع ما فيه من رياضة النفس، ولزوم التواضع، وإعظام حرمات المسلمين، وعن عبدالله بن سلام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “أيها الناس، أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام” رواه الترمذى، ومن فوائد إفشاء السلام هو حصول المحبة بين المتسالمين، وكان ذلك لما فيه من ائتلاف الكلمة لتعم المصلحة بوقوع المعاونة على إقامة شرائع الدين، وإخزاء الكافرين، وهي كلمة إذا سمعت، أخلصت القلب الواعي لها عن النفور إلى الإقبال على قائلها، فإفشاء السلام من أسباب المودة بين المسلمين، فقال القاضي عياض والألفة إحدى فرائض الدين.
وأركان الشريعة، ونظام شمل الإسلام، وعن أبي أمامة، قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن أولى الناس بالله مَن بدأهم بالسلام” رواه أبو داود، وعن أبي هريرة رضى الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “إذا لقي أحدكم أخاه، فليُسلم عليه، فإن حالت بينهما شجرة أو جدار أو حجر ثم لقيه، فليُسلم عليه أيضا” رواه أبو داود، وقال النووي إذا سلم عليك إنسان ثم لقيته عن قرب، يُسنّ لك أن تسلم عليه ثانيا وثالثا وأكثر، وعن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال كنت رديف أبي بكر، فيمر على القوم فيقول السلام عليكم، فيقولون السلام عليكم ورحمة الله، ويقول السلام عليكم ورحمة الله، فيقولون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فقال أبو بكر، فضلنا الناس اليوم بزيادة كثيرة” رواه البخارى .