أيهما الحق

أيهما الحق
عبد الكريم احمد الزيدي العراق/ بغداد

اخترنا في الأدب طريقا وعرًا وشائكًا ، ولم يكن لنا بدًا منه للمضي والسير فيه حتى يرى الله فينا أمرا كان مفعولا ، وما كنا في اوله ندرك مواضع العثرة والزلل ونحن نمد أيدينا لنواصل فيه كلما واجهنا لفح القيظ وحيرة الصادي لخيال طيف السراب .

وما كان يعيبنا اننا ما حصلنا مثل كثير من الادباء والمجتهدين في اللغة وعلوم الصرف فرصة لصقل موهبة فطرتنا الشعرية والادبية التي حضرت معنا كل سنوات تعليمنا الاولي والجامعي لتغيب عنا ساعة بداية تعلقنا بالكتابة والنظم وصار امامنا سدا من الشك والظن في سلامة ما ننظم او نكتب وما نجتهد في الشعر وصياغته .

اقول هذا وقد اخترت دربا صعبا لا احمل فيه من سلاح الا الثقة والاصرار وحسن الظن بما نجتهد ونسعى، فاتجاهنا العلمي الصرف في تعليمنا واختيارنا للتخصص في مجال لا يقرب ولا يلتقي في اي وقت او مكان بالادب الشعري وعالمه المترامي بين حدود علوم اللغة والصرف والبيان.

وهنا صار لزاما علينا ان نختار بين طريقين اصعبهما ما سهل منهما ، وظل ايماننا ان الشعر انما حس بالفطرة وموهبة في مهارة الانتقاء وسنا برق من الحاجة لتوصيف هواجس واحساس ما بطن من الوجع والهم والقهر ونقله بما يتيحه لنا هذا الحس الى الغير بصورته الحقيقية وروحه الصادقة.

ولطالما اختلفنا مع الكثير بان الشعر العربي لم يولد يوما بقالب او قياس تحدده معايير جامدة وضعت لينقلب عليها صرف الزمن والبيئة والحداثة والحاجة الانسانية للتطور بما يوافق العصر والمجتمع ، ولكننا لانعني بهذا التنكر لاصول صياغته وعلوم بنائه وتوظيفه وانما التمسك بادوات فنونه ومهارة تعبيره وجذور بيانه وصرفه ولغته التي كانت عنوانا لبقاءه وتاريخه ومجده.

الان ، وبعد هذا التوصيف نقف بين خطين قد نراهما متوازيين لا التقاء لهما ، او انما هما منهجان اختلفا في الاصل والقاعدة فاصبح مسير كل منهما باتجاه لا يوافق القياس وعصا النهج وبذلك صار لكل منهما مقلديه وتابعيه ، فالاصل في الادب العربي معياره واضح بالبيان واللغة والفصاحة والصرف وقاعدة بنائه ونظمه ، والمحدث الذي اختار لمسيرته نهجا مغايرا تحرر فيه من كل قوالب وقواعد واسس الكتابة والصياغة والنظم واحتج بان العصر والمجتمع والبيئة وتغيير الادوات والحاجة للتجديد بما يوافق الحاضر ومتطلباته كان وراء هذا النهج في الكتابة حتى اختلط فيه المجدد بمعناه اللغوي والنظمي مع المتمرد الذي أخلَّ وخلع عنه بردة الثابت والاصل والقاعدة.

ومن واجبنا الادبي وهذه دعوة لكل علماء اللغة والنحو وقواعد النظم والكتابة ان يتم وضع مقاييس وثوابت بعيدا عن الاجتهاد والتنكر للاصول والنهج والتاريخ ، نحافظ بها على الارث العربي في ادبه وشعره وثقافته وبما يصون لغتنا العريقة ويحفظ لها سر ديمومتها وريادتها بين لغات وثقافات واداب الامم الاخرى وان يبقى الادب العربي رسالة تاريخية باقية ما بقيت الارض والسماء ، وهذه لا تأتي الا من خلال الدعوات والتصدي والبيان وايضاح ما لبس على القائمين والمتصدين لناصية الادب والشعر العربي .

……………………………………………
عبد الكريم احمد الزيدي
العراق/ بغداد

شاهد أيضاً

القاص سعيد رضواني:”قلعة المتاهات حين تكتب القصة طيف كتابتها

القاص سعيد رضواني:”قلعة المتاهات حين تكتب القصة طيف كتابتها بقلم/ شكيب أريج مر على صدور …