أكل أموال الناس بالباطل
إعداد / محمـــد الدكـــرورى
وإن من صور التعدى على الحق العام وهو أن يستخدم سائق المصلحة على سبيل المثال في توصيل الأولاد إلى المدارس والعودة بهم أو في شراء احتياجات البيت من السوق، أو في تسديد الفواتير وهكذا، وإني أوصيكم ونفسي ولست بخيركم أن نتقي الله في المال العام الذي بين أيدينا، وأن بعضنا قد يأخذ من المال العام لا على سبيل قصد السرقة والغلول ولكن على سبيل التساهل وعدم الالتفات إلى القضية على اعتبار أنها من المحقرات وكم من المحقرات اجتمعت على صاحبها حتى اهلكته، ومن الصور المحرمة أكل اموال الناس بالباطل، وأكل المال بالباطل ذنب عظيم وجريمة خطيرة تهدد الفرد والمجتمع ، بل والأمة.
ولا أدل على ذلك من تحذير الله سبحانه وتعالى، أي لا يأكل بعضكم مال بعض بسبب باطل، فأكل المال بالباطل من الأمور المحرمة، التي لا تجوز شرعا، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال هذا في الرجل يكون عليه مال وليس عليه فيه بيّنة فيجحد المال ويخاصمهم إلى الحكام، وهو يعرف أن الحق عليه، وقد علم أنه آثم، آكل حرام، وقال قتادة اعلم يا بن آدم أن قضاء القاضي لا يحل لك حراما، ولا يحق لك باطلا، وإنما يقضي القاضي بنحو ما يرى وتشهد به الشهود، والقاضي بشر يخطىء ويصيب، واعلموا أن من قضي له بباطل أن خصومته لم تنقض حتى يجمع الله بينهما يوم القيامة فيقضي على المبطل للمحق بأجود مما قضى به للمبطل على المحق في الدنيا”
بل إن حرمة أكل مال المسلم بالباطل كحرمة سفك دمه وهتك عرضة، فيقول النبى الكريم صلى الله عليه وسلم “فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا فى شهركم هذا فى بلدكم هذا فليبلغ الشاهد الغائب” ويقول النبى الكريم صلى الله عليه وسلم “إن رجالا يتخوضون فى مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة” قال ابن حجر أى يتصرفون في مال المسلمين بالباطل، ومن الصور المحرمة أيضا هو اكل الحق فى الميراث واكل اموال اليتامى، فكم من امرأة حرمت من ميراثها، وكم من يتامى أكلت حقوقهم، وكم من ضعفاء لم يجدوا لهم ناصرا، والميراث هو وصية الله تعالى لعباده والذي يتأمل في فرائض الإسلام ليرى أمرا عجيبا.
فالله تعالى فرض علينا الصلاة ولم يبين في القران عدد الركعات وتركها لنبيه صلى الله عليه وسلم ليبينها لنا عن طريق السنة التي هي المصدر الثاني للتشريع وكذا الزكاة، أما الميراث فبين سبحانه وتعالى الأنصبة فبين لنا نصيب كل فرد وبين لنا أحواله، ووصية الله يجب ان تنفذ ومثلهم فى قوله تعالى “إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا ” ولما أمرهم بذلك زجرهم عن أكل أموال اليتامى وتوعد فقال على ذلك أشد العذاب، وهذا القيد يخرج به ما تقدم من جواز الأكل للفقير بالمعروف ومن جواز خلط طعامهم بطعام اليتامى، فمن أكلها ظلما فإنما يأكلون فى بطونهم نارا، أي فإن الذي أكلوه نار تتأجج من أجوافهم وهم الذين أدخلوه في بطونهم.
وسيصلون سعيرا، أي نارا محرقة متوقدة، وهذا أعظم وعيد ورد في الذنوب, يدل على شناعة أكل أموال اليتامى وقبحها وأنها موجِبَة لدخول النار، فدل ذلك أنها من أكبر الكبائر، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله علية وسلم قال “يبعث الله عز وجل قوما من قبورهم تخرج النار من بطونهم تأجج أفواههم نارا فقيل من هم يا رسول الله قال ألم تر أن الله تعالى يقول “إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا” ومن هنا نحذر من أكل أموال الناس بالباطل من ميراث أو غيره، ولكن كيف نتوب من المال الحرام؟ فالتوبة تكون بالإستغار ورد المظالم إلى أهلها ورد الحقوق إلى أصحابها أو التصدق بقيمة هذا المال لصاحبه إن مات أو افتقد.