أفكار بصوت مرتفع (الطلاق العاطفي )
زينب كاظم
سنتحدث في هذا المقال عن موضوع مهم جدا موضوع ملامس لنفسية وحياة المتزوجين ألا وهو (الطلاق العاطفي )أو (الخرس الزوجي )وهما موضوعان مرتبطان مع بعضهما فهناك عدد مهول من المتزوجين الذين لا يستطيعون الانفصال الحقيقي بحكم العشرة والأولاد وكذلك عدم وجود سبب منطقي وملموس وحقيقي للانفصال قانونيا لكن العلاقة بينهم مؤلمة جدا اذ إنهم لا يتكلمون إلا للضرورة ،فمثلا يتحدثون فقط بخصوص الأولاد أو احتياجات البيت وإن زاد الحديث بينهم تحول لخلاف ومشاكل ونقاشات عقيمة لذلك باتت الحياة بينهم شبه صامتة والمشاعر متبلدة وباردة ،والزواج بينهم مجرد حبر على ورق للحفاظ على الصورة الاجتماعية أمام الأهل والأقارب والناس عموما ،لكن لا أحد يعرف الحقائق المريرة والأسرار التي تخفيها جدران البيوت ،ونرجح أسباب الخرس الزوجي إلى عدم التوافق أو التفاهم على كثير من الأمور فمثلا اختيار الشخص الخطأ منذ البداية يؤدي إلى ذلك ومن هذه الأمور مثلا الزوجة تحب لون خاص من الأغاني وهو يميل إلى لون آخر أو هو يشاهد نوع من الأفلام والمسلسلات وهي تحب شيء مختلف أساسا وغيرها من الأمور التي قد يراها البعض تافهة لكنها في الحقيقة مهمة وتولد خلافات كثيرة وكذلك عدم وجود كيمياء بين الاثنين يجعلهما يتناقشان كلما جلسا مع بعضهما ومن ثم يتحول النقاش إلى صدامات كبيرة ومشاكل ،وأحيانا يكون سبب المشاكل الأولاد لسبب أو لآخر بالرغم من أنّ أهل زمان كانوا يقولون إن الأطفال يقوون أواصر العلاقات الزوجية وهذه قد تكون حقيقة لحد ما لكن قد يسببون بعض الخلافات في حالات كثيرة ولمسنا ذلك عند الكثير من الأسر ،وقد تكون أسباب الخلافات التي تؤدي لتبلد العلاقات هو تدخل الآخرون في شؤون العائلة أو الروتين اليومي الممل ومشاغل الزوج في العمل أو انشغال الزوجة بأمور البيت والأولاد أو العمل أحيانا عندما تكون امرأة عاملة ،وكذلك الكسور بالتوقعات والمقصود مثلا المرأة تختار زوج من أجل ثرائه واستقراره المادي وتتصور أن حياة الترف هي السعادة كلها لكنها تكتشف متأخرة وبعد إنجاب الأولاد أن المادة مهمة وهي جزء من السعادة لكنها ليست كل السعادة وكذلك الزوج يختار مثلا زوجة من أجل جمالها وبعد ذلك يكتشف أنها مثلا باردة المشاعر أو غير صالحة للحب وأن الجمال الخارجي وحده غير كافي وإنما التفاهم الروحي والتواصل الوجداني هو الأهم لكن لا يكتشف ذلك إلا بعد فوات الأوان ،وقد أوعز بعض علماء النفس المجتمعيين إلى أن سبب الخلافات والتبلد في العلاقات الزوجية هو الزواج التقليدي لكن أثبتت الدراسات الخاصة بالمجتمع أن هذا السبب ليس دوما يكون صحيح لأن هناك الكثيرين ممن تزوجوا عن حب وكانوا لا يفارقون بعضهم ويتحدثون بكل صغيرة وكبيرة عبر الهاتف أو وجها لوجه أيضا أصابهم وأصاب علاقاتهم الملل والخرس بمرور الوقت وكأنما أنهوا كل الكلام الذي في الدنيا وتكون علاقاتهم مؤلمة أكثر لأنه بعد كل قصة الحب العظيمة التي كانت بينهم وصل بهم الحال لذلك،وسابقا كانوا يقولون إن المرأة تستطيع أن تخلق من بيتها جنة وهذه حقيقة أكيدة خاصة إذا كانت المرأة تحب بيتها وأولادها وتطبخ طعام تخلطه مع جرع من الحب وتنظف بيتها بصدق وتحترق كالشمعة وهي سعيدة بذلك وتكون متدينة وتدعو لأسرتها بالخير وتكون زوجة صالحة تخلق تلك الجنة لكن السؤال هنا إذا كان الزوج لا يلفظ كلمة طيبة بحق تلك الزوجة المعطاءة ولا يعترف بجهودها وتعبها فهل تكون العائلة سعيدة وهل يكون بيتهم جنة بالفعل؟بالتأكيد لا لأن المرأة بطبيعتها سماعية أي أن الكلمة الطيبة التي يسمعها لها شريك حياتها والإشادة بمميزاتها وجهودها تجعلها ترقص فرحا ويزداد وجهها بريقا ورضا حتى وإن أهلكتها المسؤوليات ليلا ونهارا ،والكثير من الرجال يشكون من وجوه نسائهم الكئيبة والخالية من الحياة والابتسامة لكنهم لا يعرفون أن مفتاح تلك الحديقة الرنانة والجميلة و(المقصود هنا وجهها وملامحها وقلبها )تفتح بكلمة طيبة صادقة أو بلمسة حب أو بوردة ،فالمرأة أبسط مما يتصور البعض فهي طفلة كبيرة ونؤكد أن المقصود هنا المرأة النبيلة العطوفة القنوعة التي تشعر بالمسؤولية وليست المرأة المهملة والنكدية والثرثارة وغير المحبة لأن المرأة التي تستحق الاهتمام والحب هي فقط من تعطي تعبها وحبها لعائلتها وزوجها وكل من حولها وهي التي لاتطلب شيئا لكنها تستحق كل شي جميل ،إذن الرجل الذي هو من يخطو خطوة الزواج والاعتراف بالحب في مجتمعاتنا الشرقية هو أيضا تقع على عاتقه خطوات سعادة البيت والقضاء على البرود والانفصال العاطفي ،وهناك أسباب كثيرة للخرس الزوجي مثلا خلو الحياة الزوجية من الشغف والتغيير والسفر وهناك سبب لا يجرؤ الكثيرون على البوح به لكنه موجود بكل تأكيد وهو غيرة الزوج أحيانا من أولاده إذا اهتمت الزوجة بهم وأهملته لذلك يجب على الزوجة الانتباه لذلك وأن تكون متوازنة باهتمامها بزوجها وبنفسها لأن الاهتمام بنفسها يخلق التجدد ويغير دم العلاقة ويحركها ويقضي على الركود فيها ،وكذلك يجب أن تهتم بأولادها وبيتها وأن تقوم بتغييرات ولو طفيفة في لبسها أو تسريحة شعرها أو مكياجها أو ببيتها حسب إمكانية الأسرة المادية ،والكثير من الرجال يقولون إن أهم شئ هو العلاقة الحميمة ذلك لأن الرجل صاحب رغبة يعني حتى وإن كان مرهق أو متوتر و عنده خلافات مع زوجته يرغب بالعلاقة الحميمة لأنه يفصل ما بينها وبين كل تعب آخر أما المرأة اذا كانت مرهقة أو خاطرها مكسور لا تحبذ أي علاقة حميمة حتى يتم جبر خاطرها بكلمة طيبة أو اعتذار وهذه حقيقة علمية وموجودة جملة وتفصيلا في كتاب اسمه (الرجال من المريخ والنساء من الزهرة) يوضح هذا الكتاب متطلبات كل من النساء والرجال وأحيانا الجملة التي ينطقها الرجل ويقصد بها شيء قد تفهمه المرأة بشكل مختلف تماما وكأنما بالفعل خلق كل واحد من كوكب ، لكن يبقى الود هو سيد الموقف وهذا قانون إلهي قال الله عز وجل (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة)صدق الله العلي العظيم ، وكذلك هناك بعض النقاط أو ليسميها القارئ الكريم ماشاء تؤثر جدا على الحياة الزوجية بمرور الوقت كما تؤثر قطرت الماء لاستمراريتها وليس لقوتها وهي أولا أن المرأة الصبورة مع أولادها ولا تضربهم وتكون عادلة بالحب وبكل شيء بينهم مع مرور الزمن تكبر بعين الزوج ،وكذلك القناعة تخلق الحب والجمال في داخل البيوتات لأن القناعة عبادة لذلك يجب ألا ينظر الزوج أو الزوجة إلى حياة غيرهم لأنه لاتوجد حياة كاملة والسعادة مسألة نسبية كل شخص ينظر لها من منظاره الخاص يقول الله عز وجل في كتابه العزيز (لاتمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم )،وكذلك الابتعاد عن الخيانة الزوجية وهذا الكلام موجه للمرأة وللرجل وتفريغ طاقة الحب والإيجابية للبيت ولشركاء حياتنا من أجل خلق حياة زوجية ناجحة وصحية وخالية من القلق والشكوك التى تفسد الحياة وتبذر بذور الشك في القلوب
نسأل الله السعادة والراحة والحب للجميع يارب .