أفضل البرية وأشرف البشرية
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين رضي من عباده اليسير من العمل، وتجاوز لهم الكثير من الزلل، وخص من شاء بهدايته وتوفيقه نعمة منه وفضلا، أحمده سبحانه وتعالي وأستغفره وأشكره علي نعمه التي لا تعد ولا تحصي، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة موقن بها، آخذ بمقتضاها قولا وعملا، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، رحمة العالمين، وقدوة العاملين، وحجة السالكين، لا نبتغي إلى السعادة بغير طريقه أملا صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد في مثل هذا الشهر، شهر ربيع الأول أشرق النور وبزغ الفجر وولد خير البشر رسولنا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم الرحمة المهداة والنعمة المسداة، إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الذي زكى الله تعالي به نفوس المؤمنين وطهر به قلوب المسلمين، وجعله رحمة للعالمين، وحجة على الخلائق أجمعين، صلوات الله وسلامه عليه دائما أبدا إلى يوم الدين، ولقد كانت ولادته فتحا، وبعثته فجرا، هدى الله به من الضلالة، وعلم به من الجهالة، وأرشد به من الغواية، وفتح الله به أعينا عميا، وآذانا صما، وقلوبا غلفا، وكثر به بعد القلة، وأعز به بعد الذلة، إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم خليل الرحمن، وصفوة الأنام، لا طاعة لله إلا بطاعته، ولا يتم الإيمان إلا بتحقيق محبته كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ” لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين” فكان صلى الله عليه وسلم أعلى الخلق أخلاقا، وأعظمهم أمانة، وأصدقهم حديثا، وأجودهم نفسا، وأسخاهم يدا، وأشدهم صبرا، وأعظمهم عفوا، إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الذي شرح الله صدره ورفع ذكره، ووضع وزره وأتم أمره، وأكمل دينه وأبر يمينه، ما ودعه ربه وما قلاه، بل وجده ضالا فهداه، وفقيرا فأغناه، ويتيما فآواه، وخيّره بين الخلد في الدنيا وبين أن يختار ما عند الله، فاختار لقاء الله تعالي، إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم خير من وطئ الثرى، وأول من تفتح له الفردوس الأعلى، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم ” أنا سيد ولد آدم وأول من تنشق عنه الأرض، وأول شافع وأول مشفع ” فهو صلى الله عليه وسلم فصيح اللسان واضح البيان، موجز العبارة موضح الإشارة، آتاه الله تعالي جوامع الكلم، وأعطاه بدائع الحكم، ويقول أبو هريرة رضي الله عنه وأرضاه ” ما رأيت شيئا أحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم، كأن الشمس تجري في وجهه” ويقول شاعر الإسلام حسان بن ثابت رضي الله عنه في مدح النبي صلى الله عليه وسلم.
وأفضل منك لن تري قط عيني، وأحسن منك لم تلد النساء، خُلقت مبرّأ من كل عيب، كأنك قد خُلِقت كما تشاء” إنه الحبيب المصطفى والرسول المجتبى الذي، بعثه الله جل علا، ليخرج الأمة من الوثنية والظلام إلى التوحيد والإسلام، وينقذ الناس من التناحر والتفرق والآثام، إلى العدل والمحبة والوئام صلى الله عليه وسلم، بلغ العلى بكماله، وكشف الدجى بجماله، حسنت جميع خصاله، صلوا عليه وآله، ولقد كان العرب قبل بعثته صلى الله عليه وسلم يعيشون في جاهلية جهلاء، يعيثون في الأرض كالأنعام، يعبدون الأصنام ويستقسمون بالأزلام، يأكلون الميتات ويئدون البنات، ويسطو القوي منهم على الضعيف، ثم أذن الله لليل أن ينجلي، وللصبح أن ينبلج، وللظلمة أن تنقشع، وللنور أن يشعشع فأرسل الله رسوله الأمين الرؤوف الرحيم بالمؤمنين.
أفضل البرية وأشرف البشرية، فإختاره الله تعالي للنبوة وإجتباه، وأحبه للرسالة وإصطفاه صلى الله عليه وسلم، ما هطلت الأمطار وأورقت الأشجار، وتعاقب الليل والنهار.