أدنى أهل الجنة منزلة 

أدنى أهل الجنة منزلة 

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الذي كان بعباده خبيرا بصيرا، وتبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا، وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا، وتبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا، ثم أما بعد روي الإمام مسلم ” أن نبي الله موسى عليه السلام سأل ربه ما أدنى أهل الجنة منزلة؟ قال رجل يجئ بعد ما دخل أهل الجنة الجنة فيقال له أدخل الجنة، فيقول رب كيف وقد نزل الناس منازلهم، فيقال له أترضى أن يكون لك مثل مُلك ملك من ملوك الدنيا ؟ فيقول رضيت رب، فيقول لك ذلك ومثله ومثله ومثله قال في الخامسة رضيت رب، قال رب فأعلاهم منزلة ؟ قال أولئك الذين غرست كرامتهم بيدي وختمت عليها فلم تري عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على قلب بشر” فنسأل الله من فضله، وروي الإمام الطبراني. 

 

” أن أدنى أهل الجنة درجة لمن يقوم على رأسه عشرة آلاف خادم بيد كل واحد صحفتان واحدة من ذهب والأخرى من فضة ” وقال ابن حجر في هذا الحديث إسناده قوي، وعند الدخول يتحفون بأطيب الطعام والشراب، كما سأل الحبر نبينا المصطفي صلي الله عليه وسلم ما تحفتهم؟ قال زيادة كبد الحوت، قال فما غذاؤهم على إثرها قال ينحر لهم ثور الجنة، فالذي كان يأكل من اطرافها” قال فما شرابهم ؟ قال” من عين فيها تسمى سلسبيلا” قال صدقت” فزيادة كبد الحوت ” هي القطعة المنفردة المعلقة في الكبد، ويقال إنها أهنأ الطعام وأمرأه وهذا يدل على عظم قدر هذه الزائدة فما الظن بالكبد التي هي زائدته فكيف بالحوت الذي حواها، وقال الله عز وجل ” جنة عرضها السموات والأرض” وهذا العرض فكيف بالطول، فإذا كان أدناهم منزلة يعطى مثل الدنيا وعشرة أمثالها. 

 

فكيف بغيره، وكما أن درجاتها كثير والفرق بين الدرجتين طويل ولقد ورد في سورة الرحمن أربع جنان اثنتان منهما دون الأخريين مما يدل على تفاضل الدرجات في جنات النعيم، وقال الضحاك في قوله تعالى “لهم درجات عند ربهم” بعضهم أفضل من بعض، فيرى الذي هو أسفل منه، ولا يرى أنه فضل عليه أحد من الناس، وفي البخاري “لموضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها” قدر سوط تملكه في الجنة أعظم من جميع ما في الدنيا فكيف بمن حصل منها أعلى الدرجات، وإن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم، كما يتراءون الكوكب الغابر من الأفق لتفاضل ما بينهم” فأهل الدرجات العلا يراهم من هو أسفل منهم كالنجوم، حتى قال الصحابة، اولئك النبيون، قال صلي الله عليه وسلم بلى والذي نفسي بيده، وأقوام آمنوا بالله وصدقوا المرسلين” 

 

فهذه المنازل العالية لمن تدرج في منازل العبودية، وقال ابن تيمية، المنازل العالية لا تنال إلا بالبلاء، وقال ابن رجب وقيام الليل يوجب علوّ الدرجات ” ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما” وتأمل هذا الحديث العجيب لتدرك المساحة الهائلة للجنة ” إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله بين كل درجتين كما بين السماء والأرض ” وفي المسند” يقال لصاحب القرآن إذا دخل الجنة اقرأ واصعد فيقرأ ويصعد بكل آية درجة حتى يقرأ آخرشيء معه” وهذا صريح في أن درج الجنة تزيدعلى مائة درجة، فاللهم إنا نسألك رضاك والجنة، ونعوذ بك من سخطك والنار، اللهم إنا نسألك الفردوس الأعلى، اللهم إنا نسألك خشيتك في الغيب والشهادة، ونسألك كلمة الحق في الغضب والرضا، ونسألك القصد في الفقر والغنى، ونسألك نعيما لا ينفد. 

 

ونسألك قرة عين لا تنقطع، ونسألك الرضا بعد القضاء، ونسألك برد العيش بعد الموت، ونسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة، اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين.

شاهد أيضاً

رسالة إلى بعض الأمهات… من أجل طفل لا ذنب له

رسالة إلى بعض الأمهات… من أجل طفل لا ذنب له بقلم: هبة هيكل > تنويه …