أحوال المعلمين
بقلم
ممدوح عكاشة
فى الزمن الماضى البعيد كان راتب المعلم أعلى راتب وكان المعلم يتقاضى حوالى 8 جنيهات وكان أعلى راتب فى هذا التوقيت، ويسمى بالخوجه وليس معلم .. وكان الناس جميعا يتعاملون معه بكل أدب واحترام ويتعاملون معه كأنه عالم من العلماء .
الحياه كانت سهله ورخيصة وأولياء الأمور يحبون المعلمين وكان العمل داخل المدرسه فقط ولا يوجد دروس خصوصية، والمرتب كان يكفى، أن ايجار الشقة كان حوالى 150 قرشا تقريبا، وكانت الكتاتيب وقتها مساوية بجانب المدرسة، وكان جميع الطلاب والتلاميذ يحبون العلم والتعليم ولم يكن المعلمين أغنياء وليس لديهم سيارات ولا شقق فاخرة تمليك .
وكانت الدنيا تسير فى سلاسة، التعليم كان أمن قومى وكان يوجد بعثات للخارج للمعلمين المميزين لجميع البلدان لتعلم كل ماهو جديد وكان وزراء التعليم والحكومات قديما يعلمون قيمة المعلم وكان التعليم كالماء والهواء، أيام الزمن الجميل .
وكان وزير التعليم معلما وبعد ذلك حضر وزير وراء وزير من مختلف المهن منهم المحامى ثم طبيب أطفال ثم مهندس ثم دكتور جامعى وبدا العد التنازلي فى إحباط المعلمين كونهم الفئة الوحيدة التى كانت تتقاضى أعلى مرتب فى الدولة قديما، وبدأ الاستعلاء والتهجم والتحدث بطرق غير لائقة على المعلمين سواء فى المسلسلات أو المسرحيات أو فى الاعلام .
وبدأ تنازل الوزراء وزير تلو وزير وإجهاض مستوى المعلمين بالمتابعة المتتالية التى لا تسمن وتؤمن المعلم بل كادت تطيح بكل ما هو معلم شريف محترم بمجازاته أو معاقبته لأن التعليم بدأ ينحدر بمرور الوقت أسوأ من ذى قبل، ووجد المعلم نفسه فريسة للجميع لا يجد من يدافع عنه أو التحدث عنه بصورة كريمه .
وبالطبع بدأ المعلمين فى دخول بوابة الدروس الخصوصية .. ومنهم من ترك المدارس ودخل فى إجازات للعمل فى السناتر لكى يعمل ويعيش عيشة كريمه لأنه وجد نفسه بمرور الزمن أقل راتب فى الدولة، ومع ظهور قانون الكادر وجد المعلمين ضالتهم، ولكن هيهات بعد ولادة القانون أصبح مثل الطفل اللقيط ليس له أم أو أب .
الكادر لم يفعل تفعيلا جيدا، ولد فى البدايه شيء عظيم ولكن من قام بتفعيل القانون الغى كل البنود المتفق عليها وتم إلغاء الجدول الذى اتى به القانون، وهو أول جدول نزل وشاهدناه وتم توزيعه على المديريات والإدارات والمدارس وقتها ثم مهزلة الاختبارات التى دخلنا فيها على مراحل، ودونوا جدول مغاير للحقيقة، ولم يجد من يقف معه بل كانت الحكومة هى المطرقة والسندان فى أن واحد .
ودخل المعلمين فى متاهه مع الناس بمقولة أن المعلمين اصبح لهم كادر، عند الذهاب لشراء أى شئ يقال مبروك عليكم الكادر . كادر اكذوبة، والكل يتحدث عن المدرسين بأنهم جزارين لايكفيهم الكادر وشغالين دروس كمان ، والإعلام يحارب المعلمين، ثم نفاجأ برئيس مجلس النواب ثم الوزير بمقولة أعلى مرتبات فى البلد مرتبات المعلمين .
المعلم أصبح فى نظرهم وباء لابد من القضاء عليه ، تسعين فى المائة من المعلمين لايعملون بالدروس ولا احد يسمع ودن من طين وأخرى من العجين، مافى وزير تولى الوزارة حتى الأن ويتكلم بأن المعلم لهم حقوق ولهم واجبات ولابد من أنصاف المعلمين من حيث مرتبهم الضئيل الذى لا يعينهم على المعيشة مثل أقرانهم فى الوظائف الأخرى .
طالبنا بالعدالة الاجتماعية المعلم الذى تخرج على يديه الطبيب والمهندس و القاضى والمحاسب والظابط وكل الفئات الأخرى وأصبح هو أقل راتب من تلاميذه لم يتقاضى المعلم أجر زميله فى البترول أو البنك أو الضرائب أو الجيش أو الشرطه، لماذا هذا الفرق الشاسع هل هذه العداله الأجتماعية التى قامت من أجلها الثورة .
ما المانع أن يحصل المعلم على أعلى المرتبات، هل المعلم يتقاضى معاش محترم يعينه على قضاء حوائجه من العلاج لا بالتأكيد، شرفاء المعلمين المحترمين ليسوا أرباب سوابق ولا مجرمين، المعلم من علم كل هؤلاء من علمكم أيها المتعالون أيها المتحولون .
لو حاولتم بناء دولة عظيمه فعليكم بالتعليم والمعلمين فالعلم هو اثاث النهضة واثاث بناء المستقبل ننتظر قرارات جديده من فخامة الرئيس السيسي ونحن من تحملنا أحوال البلد أعوام تلو أعوام وانتظرنا فك قيود أساسى المرتب وانتظرنا الوفاء بالوعد بعد خمس سنوات ولكن للأسف كان وعدا غير مفعولا .