أخبار عاجلة

أبرز مظاهر التخلف 

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان وسلم تسليما كثيرا أما بعد إن هناك في كل زمان ومكان مجموعة تسمي حزب أعداء النجاح، وهم متواجدون في كل مكان عمل أو مجتمع، وهم دائما يحاربون النجاح ويشجعون الفشل، ويلاحظ أن الكثير من الأفراد المبدعين والمبتكرين لا يجدون أحيانا مجالات جيدة تلبي طموحاتهم وتنسجم مع أفكارهم كما قد لا يجدون صدورا رحبة تستوعبهم وتستثمر طاقاتهم فيعيشون في عزلة روحية وهم بين زملائهم وإخوانهم وهذه مأساة حقيقية تعود عليهم وعلى المؤسسات التي ينتمون إليها بالأضرار الوخيمة، لذلك قد يشكلون أوائل الضحايا التي تفقدهم المؤسسة ليحظى بهم الآخرون الأقدر على إستيعابهم وإستثمار مواهبهم وخلاقيتهم. 

 

وهذا هو أحد الأسباب الملحوظة في العالم الثالث أيضا الذي يقف وراء هجرة العقول والأدمغة إلى الدول الأكثر تقدما وحرية، كما هو أحد أبرز مظاهر التخلف أيضا، ومن هنا ينبغي أن نبحث في بعض معوقات الإبداع التي تسبب فقدان العناصر المبدعة وخلو المؤسسات منهم بما يسبب لها المراوحة في مكانها أو التراجع إلى الوراء، لكي نسعى لمكافحتها دوما إلى الصعود ومنها هو مقاومة الجهات الإدارية المسؤولة وعدم رغبتها في التغيير الإبداعي، وربما يحدث ذلك لعدم إيمانها بذلك لما يسببه التغيير من خروج عن المألوف المعتاد عليه وربما لإعتقادها بأن كل تغيير جديد يشكل خطرا عليها أو على المؤسسة وهذا ما يصطلح عليه بجمود الإدارة، ومن الواضح أن المؤسسات تنعم وتكبر وتتطور بأجواء السلام والتفاهم والتعاون والتكامل بين عناصرها. 

 

فإذا وقع بينهم التنافر وصار البعض معيقا لمسيرة البعض الآخر فإن هذا يهدد الجميع بالخطر وأول الأفراد سيصابون بالمأساة هم المفكرون والمبدعون لأنهم سوف لا يجدون لأنفسهم مكانا في الأجواء المتوترة، والحل هو تعامل المسئولين مع الأفراد الطموحين وأصحاب التطلعات بالمزيد من المرونة والتفهم والإقناع فهم بهذا يضمنونهم كعناصر مبدعة مخلصة في العمل كما يضمنون الهدوء والتماسك داخل المؤسسة، وكما أن من معوقات الإبداع التي تسبب فقدان العناصر المبدعة هو التطبيق الحرفي للقوانين والحديدية في الروتين الإداري، وهذا الأسلوب من أكثر الأساليب إزعاجا للأفراد وتسبيبا للتذمر والنقمة وإبعاد المخلصين والعاملين، ومن الواضح أن القوانين والتعليمات الإجرائية هي مجرد وسائل وجسور للإدارة الأفضل وليست غايات بذاتها.

 

 

فإذا شكلت عائقا أمام الأفضل فليس من الحكمة التوقف عندها، ولو تتبعنا سلوك الأفراد الحديديين في تعاملاتهم الإدارية نجد أنهم في الغالب انشغلوا بالمظاهر والشكليات وتركوا المضامين والأهداف بعيدا، بل كثيرا ما يقعون في أزمات الفوضى واللانظام بحجة إيجاد النظام الحديدي الصارم وهذا نقض للغرض والحكمة من إيجاد النظام، وبعض المؤسسات تعتبر أن معيار التقييم والتمايز بين الأفراد هو مدى إنضباطهم وإلتزامهم بالأنظمة الإدارية الموضوعة كالإلتزام بأوقات حضور الدوام والمغادرة ونحو ذلك، ومع أن هذا أمر مهم إلا أن مجرد الإلتزام بالدوام لا يؤدي إلى النتائج المطلوبة فقد يأتي العامل في وقته ولكنه من دون أن يقوم بأي عمل أو يلتزم بمظاهر القانون ويخل بجوهره في عدم الإتقان أو عدم الإخلاص في العمل وغير ذلك من مساوئ وأضرار. 

 

وإن القوانين وجدت للتنظيم الأفضل والأداء الأكمل فإذا صارت صارمة وروتينية فإنها تشكل عقبة تسبب الكثير من المفاسد، وأولها كبت الطاقات الخلاقة أو هروبها إلى المؤسسات الأخرى الأفضل تعاملا.

شاهد أيضاً

صرخة الضمير في زمن الصمت

بقلم/هاني محمد علي عبد اللطيف  صرخة إنسانية في وجه الكيان الصهيوني العدو الغاشم وفي قلب …