بقلم/السيد شحاتة
قال تعالي في محكم آياته (وماهذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لوكانوا يعلمون )
هكذا وصفها المولي عز وجل ولكن نشاهد اليوم الكثيرين يتهافتون عليها زاهدين في الدار الآخرة كأنهم مخلدون فيها وماذلك إلا لبعدهم عن منهاج الله سبحانه وتعالى
فها هي الدنيا في كامل زينتها وأبهي حللها تعرض نفسها لمشتريها وهم كثير من الغافلين والعابثين واللاهين عن الحقيقة الواضحة والتي لامفر منها فعش ماشئت فإنك ميت وأحبب من شئت فإنك مفارقه
وكما قال الإمام علي رضي الله عنه وأكرم وجه الدنيا جيفه وطلابها كلاب
وللاسف لم يعي الكثيرون معني ذلك فتجدهم يتهافتون عليها إلا من رحم ربي ويتنافسون بل يصل الأمر إلي التصارع من أجلها حيث هوت إليها أفئدتهم وعقولهم
فتجدهم لايحبون ولايكرهون إلا من أجلها ولايوالون ولايعادون إلا لها نسوا الله فأنساهم أنفسهم تركوا العمل لدار البقاء من أجل دار الفناء وزخرفها
فأين رجال اليوم إن جاز أن نطلق عليهم هذا اللقب من رجال الأمس فكانوا رجالا صدقوا ماعاهدوا الله عليه أولئك اعتصموا بحبل الله وأخلصوا دينهم لله ولم يخشو إلا الحق ففازوا برضوان الله وجنته
أما مانطلق عليهم رجال اليوم وللأسف ماهم إلا ذكورا لأن صفة الرجال لايمكن أن يفهموها ولا تنطبق عليهم
فكلمة الرجال عظيمة لايمكن أن نطلقها علي كل إنسان حيث تجدهم إذا اجتمعوا معا أظهروا خلاف مايبدون وإذا تفرقوا أكل بعضهم بعضا وصدق ربنا حينما قال (الأخلاء يومئذن بعضهم لبعض عدو إلا المتقين)
يفعلون كل منكر من أجل دنيا فانيه إنحرفوا عن الصراط المستقيم فاتبعوا الشهوات والهوي يتنافسون علي مناصب زائلة كأنهم مخلدون فيها
لم يدركوا الغايه الكبري التي خلق الله البشر (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)
وقال النبي الكريم لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ماسقي الكافر منها شربة ماء
هكذا الدنيا فلماذا التصارع والتناحر عليها ولماذا نخرب بأيدينا آخرتنا فكم من حقوق ضاعت من أجلها وكم من أرواح إزهقت ودماءا بعثرت لها فإنتشرت بين الناس أمراض القلوب وساد بينهم العداء
فما الدنيا إلا سباقا لعينا كتب علينا نحن الأحياء أن نخوض غماره ولكن الشاطر فينا من يخوض هذا الغمار من أجل عبادة الواحد الديان والعمل ليوم لاينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتي الله بقلب سليم
فلا تغتروا بالدنيا فإنها فانية غدارة لاتزيد المغتر بها إلا ذلا وندامه
ألم يحن الوقت لكي نحاسب أنفسنا ونقف عند كل يوم يمر علينا إن كان خيرا حمدنا ربنا وشكرناه علي فضله وإن كان شرا تبنا إليه وإستغفرناه وندمنا علي ذلك وألا نعود إلى المعاصي والذنوب
فنحن نأتي إلي الدنيا ونظن أننا مخلدون فيها أبدا متناسين أنها فترة مهما كانت طول أعمارنا فيها فهي قصيرة ولنعلم بأن الدنيا إذا أقبلت علي أحد أعارته محاسن غيره وإذا أدبرت عنه سلبته محاسن نفسه
فلماذا نجعل الدنيا أكبر همنا ومبلغ علمنا فهي دار ممر وليست بدار مقر والكيس منا من عمل لما بعد الموت ونسأل الله أن يخرجنا منها وهو راض عنا