أخبار عاجلة

مكانة الشهيد عن ربه عز وجل

مكانة الشهيد عن ربه عز وجل
بقلم/ محمـــد الدكــــرورى

إن منزلة الجهاد عند الله عز وجل منزلة عظيمة، فعن سلمان الفارسي قال “سمعت رسول الله يقول “رباط يوم وليلة، خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات فيه جرى عليه عمله الذي كان يعمل وأجرى عليه رزقه وأمن الفتان ” رواه مسلم والنسائى، وإن الجهاد في اللغة هو بذل الجهد والوسع والطاقة، من الجهد بمعنى الوُسع، أو من الجَهد بمعنى المشقة وكلا المعنيين في الجهاد، وفي الشرع أو في اصطلاح القرآن والسنة، يأتي بمعنى أعم وأشمل، يشمل الدين كله، وحينئذ تتسع مساحته فتشمل الحياة كلها بسائر مجالاتها ولهذا يسمى حينئذ، الجهاد الأكبر، وله معنى خاص هو القتال لإعلاء كلمة الله تعالى وهذا يشغل مساحة أصغر من الأولى ولهذا سُمى الجهاد الأصغر.

فإن الجهاد بمعناه العام يشمل حياة الفرد والمجتمع كلها بجوانبها المختلفة، الفكرية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والصراع فيه يشمل أعداء كثيرين يشمل النفس وشهواتها والهوى ووساوس الشياطين، شياطين الجن والإنس، ووساوس هؤلاء الشياطين على نوعين نوع هدفه زرع الشبهات وآخر هدفه اتباع الشهوات، ومكافحة الأول بنشر العلم والعقيدة الصحيحة، ومقاومة الثانى بنشر الفضائل والأخلاق الحميدة وموعظة الناس لتقوية إيمانهم، وكل هذا وذاك من الجهاد الأكبر، ولذلك فإن تسمية الأول بـالجهاد الأكبر صحيح المعنى، تدل عليه نصوص الكتاب والسنة، وإن لم يصح الحديث الوارد فيه بخصوصه، ففي حصر مفهوم الجهاد في القتال.

خطأ في فهم الكتاب والسنة، فإن الجهاد فيهما جاء بمعنى القتال، وجاء بمعنى أكبر من ذلك وأشمل، وقد قال الله تعالى “فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا” وقال ابن عباس رضى الله عنهما ” وجاهدهم به أي القرآن ” فالجهاد الكبير هنا ليس هو القتال، وإنما هو الدعوة والبيان بالحجة والبرهان، وأعظم حجة وبيان هو هذا القرآن الكريم، فإنه حجة الله تعالى على خلقه، ومعه تفسيره وبيانه الذي هو السنة النبويه الشريفه، وقد قال الله تعالى “يا أيها النبى جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير” ففى هذه الآيه ليس المراد بجهاد المنافقين القتال، لأن المنافقين يظهرون الإسلام ويتخذونه جُنة والنبي صلى الله عليه وسلم، لم يقاتلهم.

بل عاملهم بظواهرهم، وحتى من انكشف كفره منهم كعبد الله بن أبى بن سلول لم يقتله سياسة منه حيث قال صلى الله عليه وسلم “لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه ” ولكن جهاد المنافقين يكون بالوسائل الأخرى، مثل كشف أسرارهم ودواخلهم وأهدافهم الخبيثة، وتحذير المجتمع منهم، كما جاء ذلك في القرآن، فقال الله تعالى “والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلهم وإن الله لمع المحسنين” ولاشك أن المراد بالجهاد هنا مفهومه الشامل المتضمن نوعيه الأكبر والأصغر، وقد نقل ابن كثير عن ابن أبي حاتم بإسناده عن ابن عباس، قال في تفسير هذه الآية ” الذين يعملون بما يعلمون يهديهم الله لما لا يعلمون ” فتفسير الآية “الذين جاهدوا فينا” أي جاهدوا في ذات الله أنفسهم وشهواتهم.

وأهواءهم وجاهدوا العراقيل والعوائق وجاهدوا الشياطين، وجاهدوا العدو من الكفار المحاربين، فالمقصود هو الجهاد في معترك الحياة كلها، وفي حلبة الصراع الشامل، وإن من الشهداء هو عمرو بن الجموح رضى الله عنه، وكان عمرو بن الجموح أعرج شديد العرج، وكان كبير السن، وكان له أربعة بنين شباب يغزون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غزا، فلما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتوجه إلى أحد، أراد أن يتوجه معه، فقال له بنوه “إن الله تعالى قد جعل لك رخصة، فلو قعدت ونحن نكفيك، فقد وضع الله عنك الجهاد” فأتى عمرو بن الجموح إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال “يا رسول الله، إن بنى هؤلاء يمنعون أن أخرج معك….؟

شاهد أيضاً

رواية رائحة العندليب حوار أدبي || مع الروائي السعودي عبدالعزيز آل زايد

رواية رائحة العندليب حوار أدبي || مع الروائي السعودي عبدالعزيز آل زايد حوار: د.هناء الصاحب …