مقال بعنوان الأبعاد الإجتماعية والنفسية والأخلاقية لما يسمي بالزواج العرفي.
بقلم الأستاذ الدكتور عادل خلف عبدالعزيز القليعي أستاذ الفلسفة الإسلامية ورئيس قسم الفلسفة بآداب حلوان.
حقيقة لايمكن تجاهلها أو غض الطرف عنها، المفكر نتاج مجتمعه، وعين مجتمعه الذي وجد فيه، مهموما بقضايا بني جلدته، وإن لم يفعل ذلك فليذهب بفكره مع الذاهبين.
داء ودواء، أما الداء فهو ليس عضالا، إذ ليس ثم داء الا وله دواء إلا الهرم (الشيخوخة)، ونحن ولله الحمد أمة فتية، تستجيب للدواء، قد تتأخر الإستجابة، لكن كتبت الإجابة لمن أدمن الطرق.
انتشرت في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، ظاهرة غريبة علينا، ألا وهي ما يسمي بالزواج العرفي، ومن قبل زواج المسيار ،الزواج المحدد ،والموقوت بوقت، وزواج الدم، وغيرها من المسميات البئيسة التي ما أنزل الله بها من سلطان.
تعالوا معي نشخص الداء، المرض الزواج العرفي، ما المقصود بزواج العرف، أي المتعارف عليه، أي الشكلي، الظاهري، الأجوف المفرغ من المضمون المحتوي، أي الذي يفقد الضوابط الشرعية والقانونية والأخلاقية والإجتماعية لمفهوم الزواج.
والمتمثل في هذه العبارة اللعينة (نضرب ورقتين عرفي)
ألا تدرون ما الذي سيترتب عليه ضرب هاتين الورقتين التعيستين.
متعة تمت ، مبلغ من المال أنفق، تم الإنفصال.
والذي يفعل ذلك لا يتردد أن يكرر فعلته مرات عديدة، طالما المسائل ستمر هكذا.
الكارثة هب أن هذه الفتاة كانت تخفي هذه الجريمة عن أهلها واكتشفت أنها حملت، وهذا الرجل رفض الإعتراف بهذا الجنين، ما الذي سيحدث لهذه الفتاة، ولاسرتها أن علمت بالأمر.
بالنسبة للفتاة قد يؤدي بها الأمر اما إلي قتل هذا الرجل، وان لم تستطع قد تنتحر، وان لم تطاوعها نفسها علي فعل ذلك،تذهب لإجهاض نفسها، وان لم تتمكن ، واكتشفت الأسرة هذه المصيبة.
وهذه الأسرة قد تكون علي قدر من التفتح وليس بها حمية أو عصبية وارادت أن تلجأ الي المحاكم لإثبات هذا النسب، تعيش مع المحاكم والتحليلات الدي إن أي، قد يستغرق الأمر سنين وقد يولد الطفل دون شهادة ميلاد،فلا تستطيع هذه الأسرة إلحاق الطفل بالمدرسة،وكل هذه الأمور الحياتية، إبن غير معترف به ،وغير مدون في سجلات المواليد.
لكن إذا كان هذا هو الداء، وتشخيصه، فما هي أسبابه، الأسباب كثيرة، أولها:غياب الخطاب التوعوي الديني الا مارحم ربي، فلابد من خطاب ديني متزن يشرح رأي الدين في هذه المسألة وما حكم الدين في هذه القضية، وما رأي علماء أصول الفقه دون مجاملة لأحد لأن هذه شهادة امام الله .
شرح الرأي الشرعي في هذا الأمر وما يترتب عليه.
وثانيها:طرح هذه القضية في الإعلام المرئي عن طريق تقديم الأفلام والمسلسلات التي تطرح الإشكالية، فقط دون تقديم حلولا ناجعة لها، وان قدمت تقدم حلولا وقتية أو حلولا تودي الي القتل بالنسبة للضحية، والسجن للجاني الزوج.
أو عن طريق طرح القضية في البرامج التليفزيونية والإذاعية واستضافة بعض الشخصيات لاتقدم حلولا لعدم علمهم بأصول الدين ولا علماء نفس ولا علماء إجتماع، فيتركون المشاهد والمشاهدة معلقون في فضاء الأوهام.
أو يأتون پأحد الشيوخ فيفتي بفتوي تشرعن لهذا الأمر ولا حول ولا قوة إلا بالله فيتخذ هذه الفتوي بعض أصحاب النفوس المريضة لاباحة مثل هذه الافاعيل.
قس علي ذلك من ينصبون أنفسهم بما عرف في أيامنا بالدعاة من أصحاب اللحي الطويلة والجلباب القصير والسواك ،واصحاب الحناجر الجهورية ، طبعا لا اعمم _الا من رحم ربي.
وثالثها: الإنتشار الرهيب لمواقع التواصل الاجتماعي،والسوشيال ميديا والشات،والجلوس ليلا ونهارا علي الإنترنت والتعارف بين البنين والبنات، وأخذ المواعيد واللقاءات، التي قد تقود إلي إرتكاب مثل هذه الموبقات.
كذلك إنتشار المواقع الإباحية التي ليس لها هم اللهم إلا بث الفحشاء والرذيلة بين الناس ، وللأسف الشديد معظم مرتادي هذه المواقع من الشباب من الجنسين، فلا يجدون مهربا لهم إلا بارتكاب مايسمي بالزواج العرفي، اعتقادا منهم أن ذلك حللا، طالما حضر شاهدين ووقعا علي هاتين الورقتين.
يا سيداتي وسادتي الأصل في الزواج لوقوعه الاشهار وليس الإخفاء، حتي وان تم إعداد قانون يجرم عدم توثيق هذه الورقة،
يا سادة عقلا الذي يقوم بهذه الفعلة في الخفاء هل سيذهب ليوثق ورقة في المحكمة أو الشهر العقاري، إذا فلماذا أخفي.
يا سادة الذي يوثق هو مأذون شرعي موثق ومعتمد في المحاكم الشرعية،وتوثق قسيمة الزواج بمعرفته، فقد وقع عقد الزواج بمعرفته وهذا يكون مكتوبا ومصحوبا ببصمة الزوج والزوجة وصورة شخصية لهما لضمان الحقوق وحفظ الأنساب لا اهلاك الاحراث والانسال.
أما رابع هذه الأسباب، التنشئة الإجتماعية القويمة للبنين قبل البنات،وتربية الأولاد تربية إجتماعية سليمة، وانصح لمن يريد قراءة المرشد الأمين في تربية البنات والبنين لرفاعة الطهطاوي، وكذلك رسالة أيها الولد للإمام الغزالي، وأيضا رسالة فيلسوف الأخلاق احمد مسكويه تهذيب الحدث والصبيان.
تربية يسودها معرفة الحلال والحرام،الحق والباطل،الصواب والخطأ،هذا حسن نفعله، هذا مشين وقبيح نبتعد عنه.
المتابعة الجيدة، لا اقول المراقبة ولكن المتابعة ومصاحبة الأبناء ومعرفة همومهم ومشاكلهم، ومصاحبتهم.
التربية الخلقية القويمة،التربيةالدينية ،وتعليمهم أمور دينهم منذ الصغر،وفي جميع مراحل أعمارهم وخصوصا فترات المراهقة ففي هذه الفترة يكون هناك عدم اتزان عاطفي سواء عند الفتي أو الفتاة.
فلا يمكن بحال من الأحوال ترك أبنائنا تتقاذفهم الأهواء والميول والرغبات بحجة انشغال الأب والام في عملهما،وضغط ظروف الحياة والسفر للخارج لتوفير الحياة الكريمة،الحياة الكريمة ليست في جمع المال فكل ذاك سيفني.
وقد يلعننا أبنائنا لانشغالنا عنهم وعدم مراعاتهم، ونفيق متي عندما تحدث الكارثة، ويقع المحظور.
هذه بعض الأسباب،اسباب المشكلة.
أما الدواء فكما ذكرت ليس مستحيلا،قد يستغرق بعض الوقت لكن سيكون مفيدا
عدة نقاط اولها:بناء خطاب توعوي يشمل كافة المتخصصين، التربويين،فليس العلاج مقصورا علي علماء النفس أو علماء الاجتماع،او حتي فلاسفة الأخلاق،بل نحتاج خطاب تربوي في مراحل التعليم المختلفة،واعتقد أن أقسام علم النفس تحلل هذه المشكلة وتوضح مخاطرها النفسية،وكذلك علماء الانثربولوجيا والاجتماع يتسابقون في دراسة حالات هذا الزواج.
خصوصا وأن هذه الظاهرة استشرت وانتشرت بشكل رهيب في جامعاتنا العربية ومنها المصرية.
وثانيها:عدم المغالاة في المهور وكتابة القائمة واثقال كواهل الشباب بما لا يطيقونه من أمور، وهو يحب هذه الفتاة،وهي تحبه،فيلجأ كلاهما الي الأبواب الخلفية.
النبي زوج فاطمه لعلي كرم الله وجهه وهو أفقر أهل المدينة لم يغالي في مهر،اقلهن مهورا اكثرهن بركة
نفذوا حديث النبي صلي الله عليه وسلم،من جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه،والا تفعلوا يكن فساد في الأرض كبير.
فدعوا المغالاة واتقوا الله في أبنائكم وبناتكم.
وثالثها،فبعد أخذ الرأي الفقهي والشرعي في هذه المسألة لابد أن يجرم فاعلها وتغلظ العقوبة، فمن أمن العقاب أساء الأدب،فاذا كنت عقوبته مغلظة لن يقدم علي فعل هذا الأمر مرة أخرى، ولن تسول له نفسه العبث ببنات الناس.
العقوبة للطرفين الفاعل والمفعول بها،ورب سائل يقول هي غرر بها، قد يكون الكلام صحيح، لكن أين عقلها حينما انقادت ما الذي غيبها عن وعيها،حتي تكون عبرة لبني جيلها، لابد أن تعاقب.
ورابعها:التنشئة الاجتماعية القويمة وقد ذكرت ذلك في حديثي عن الداء، أضف إلي ذلك ضرورة مراعاة الله سبحانه وتعالي في السر والعلن وضرورة تربية أبنائنا علي خصال الخير.
بل ولابد أن نزرع في أولادنا،الله معنا،الله يرانا، الله شاهد علينا
واختتم حديثي بقوله تعالي (ان الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة، والله يعلم وأنتم لا تعلمون)
أي وربي والله يعلم وأنتم لاتعلمون.
إلي من يؤيد مثل الافاعيل
فهل أنتم منتهون.