أخبار عاجلة

ما الدور المتوقع للمعارضة في مرحلة ما بعد هروب المخلوع بشار الأسد؟!

ما الدور المتوقع للمعارضة في مرحلة ما بعد هروب المخلوع بشار الأسد؟!
مع تطورات المشهد السوري واحتمال حدوث تغيير جذري في النظام السياسي بعد هروب المخلوع بشار الأسد، يتصدر السؤال الحالي: (ما الدور المتوقع للمعارضة في مرحلة ما بعد هروب المخلوع بشار الأسد) مكانة واسعة خلال المرحلة الانتقالية..
وبالعودة للأزمة، فإنّ المعارضة الخارجية لعبت دوراً بارزاً في الضغط الدولي على النظام السوري، ولكنّ فاعليتها في الداخل السوري كانت موضع تساؤلات وتجاذبات، وفي مرحلة ما بعد الأسد، ستواجه المعارضة تحدياتٍ كبيرةً، ولكنّها ستكون أمام فرصة تاريخية للإسهام في تشكيل مستقبل سورية القادم، وهنا يمكننا أن نميّز بين أنواع المعارضات في سورية، للوقوف بجلاء أمام كلّ منها: ولعل من تلك المعارضات تلك المعارضة التي تشكّلت ضمن قانون الأحزاب عبر تشكيلات حزبية، ورغم شبه الانعدام لدورها، إلّا أنّها شكّلت حالة معارضة ضمن الداخل السوري، ومن تلك المعارضات أيضاً المعارضة المسّلحة وهي التي استطاعت دحر نظام الأسد بدعم تركي خليجيّ أمريكيّ لمحاربة النظام السوري البائد والحدّ من النفوذ الإيراني وخلق توازن عسكري في سورية بين الأطراف التي كانت متنازعة، وتأتي المعارضة الخارجية المدعومة من بعض دول الخليج العربي وتركيا والدول الأوربية والولايات المتحدة الأمريكية، وقد حصل الائتلاف الوطني على اعتراف دولي واسع وتم تقديم الدعم السياسي والإعلامي، وكان للائتلاف تواصله مع المجالس المحلية والفصائل المسلحة في الداخل السوري رغم الاختلافات بينهما.
ومن المحتمل أن تشهد الساحة السورية صراعاتٍ داخليةً لقيادة المرحلة الانتقالية السياسية بعد هروب المخلوع بشار الأسد، وستبرز الحاجة إلى سلطة انتقالية لإدارة شؤون البلاد، وقد يكون للمعارضة الخارجية، وخصوصاً الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية ومجموعات أخرى دورها في قيادة المرحلة الانتقالية، وقد يتم تكليفها بلعب دور محوري في تشكيل حكومة انتقالية، وهذا الدور يتطلب منها: التفاوض مع القوى الدولية والمحلية لإيجاد صيغة توافقية للحكم في سورية، ووضع خارطة طريق للمرحلة الانتقالية، تشمل صياغة دستور جديد وإجراء انتخابات حرة نزيهة بمراقبة دولية، كما أنّ يتطلّب منها: توحيد الجهود الداخلية والخارجية، وإنّ المرحلة الانتقالية، ستتطلّب تنسيقاً مكثّفاً بين المعارضة الخارجية والقوى المحلية في الداخل السوري والفصائل المسلحة، وكذلك المجالس المحلية التي كانت تدير المناطق الخارجة عن سيطرة النظام سابقاً، إضافة لحركات المدنية والمجتمعية التي تمثّل قطاعاتٍ واسعةً من الشعب السوري، ويتوجب على المعارضة الخارجية أن تلعب دور الوسيط لتوحيد هذه القوى خلف رؤيا موحدة، ممّا يساعد في تجنب الفراغ السياسي والانزلاق نحو الفوضى.
ويتطلّب من المعارضة عموماً إعادة بناء العلاقات الدولية، بعد سقوط النظام، وسيكون المجتمع الدولي لاعباً أساسياً في تحديد ملامح المرحلة القادمة، فالمعارضة الخارجية، بحكم علاقاتها الممتدة مع الدول الكبرى والمنظمات الدولية، ستكون في موقع يمكنها من الحصول على دعم سياسي ومالي لإعادة إعمار سورية، وكذلك التفاوض مع القوى الدولية والإقليمية لضمان استقلالية القرار الوطني السوري، والعمل على إخراج القوات الأجنبية والمليشيات التي توجد في سوريا نتيجة النزاع.
كما يتطلب من المعارضة الإسهام في تحقيق العدالة الانتقالية، وهي التي ستكون أحد أهم متطلبات المرحلة، حيث سيطالب الشعب السوري بمحاسبة المسؤولين عن الجرائم التي ارتُكبت خلال سنوات الحرب، والمعارضة الخارجية يمكن أن تسهم في جمع الأدلة والتعاون مع المنظمات الدولية لتقديم المتورطين إلى العدالة الدولية، لضمان أن تكون المحاكمات عادلة وشاملة، بما يُعيد ثقة الشعب السوري في المؤسسات القضائية.
كما يتطلّب الأمر أيضاً تعزيز المصالحة الوطنية، وهذا أحد أهم الأدوار التي يمكن أن تضطلع بها المعارضة الخارجية، كون سورية مجتمعاً متنوعاً عرقياً وطائفياً، وإنّ استمرار الخلافات قد يؤدي إلى صراعات طويلة الأمد، وفي هذا السياق، ينبغي على المعارضة عموماً دعم حوار وطني شامل يضم مختلف المكونات السورية، كما ينبغي تبنّي سياسات تعزّز العيش المشترك السلمي وتعميق مفهوم المواطنة وأبعادها، لضمان حقوق مختلف الأطراف، ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى السعي لإعادة اللاجئين والنازحين إلى مناطقهم وضمان حقوقهم.
ورغم أنّ بعضاً من مكوّنات المعارضة حالياً باتت تسيطر على الأمور ضمن الداخل السوري، فإنّ تحديات قد تواجه المعارضة الخارجية، رغم أهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه المعارضة الخارجية، إلا أنها ستواجه عدداً من التحديات، ومنها: الانقسامات الداخلية، فالانقسامات التي تعاني منها المعارضة، قد تضعف قدرتها على تمثيل الشعب السوري بشكل موحّد، وقد تقابل رفضاً شعبياً محتملاً، إذا فشلت تلك المعارضة الخارجية في إثبات ارتباطها بالداخل السوري وتلبية تطلعات الشعب، فقد تواجه انتقادات واسعة، وتأتي التدخلات الإقليمية والدولية، ضمن تلك التحديات، فالنفوذ المتزايد لدول إقليمية ودولية في سورية، قد يعيق جهود المعارضة، إذا لم تتمكّن من تحقيق توازن في العلاقات الدولية، ولعل من تلك التحديات انعدام الثقة بين أطراف المعارضة، فالمعارضة الخارجية ترى الفصائل المسلحة عائقاً أمام القبول الدولي، بينما ترى الفصائل أنّ المعارضة الخارجية بعيدة عن الواقع الميداني.
وإنّ مرحلة ما بعد هروب المخلوع بشار الأسد ستكون لحظة تاريخية فارقة في مسار سورية الحديث، فالمعارضة الخارجية أمام اختبار كبير؛ فإمّا أن تثبت قدرتها على قيادة المرحلة الانتقالية وتحقيق تطلعات الشعب السوري في الحرية والكرامة، أو أن تُهمَّش لصالح قوى أخرى أكثر تنظيماً، ولتحقيق ذلك، يتعيّن عليها بناء رؤيا وطنية شاملة وتعزيز حضورها الداخلي، والعمل على استعادة ثقة السوريين والمجتمع الدولي بها، وهذا ما يتطلب من المعارضة المسلحة المتمثّلة بالفصائل وكذلك المعارضة الخارجية وضع خارطة طريق لتحقيق توافق سياسي والاستقرار وتعزيز الحوار الداخلي ومع المجتمع الدولي، ولا بدّ من تجاوز الخلافات الإيديولوجية لبناء الثقة بين مختلف الأطراف السورية وعدم إقصاء أي طرف من المعارضة، لتحقيق استقرار سياسي شامل ومستدام بعيداً عن حروب أهلية قد تعصف بسورية مجدّداً ، وسنترقّب قادم الأيام وما تحمله من تطلّعات، فالوطن يبنيه أبناؤه تحت شعار: (أنا وأنت، وليس أنا أو أنت).
الباحث الإعلامي والسياسي
وعضو اللجنة الإعلامية لمؤتمر الحوار الوطني في سورية:
أ‌. نبيل أحمد صافية.

شاهد أيضاً

ساركوزى يرتدى سوار المراقبة الإلكترونى فى الكاحل بينما يقضى عقوبة بالسجن لمدة عام لإدانته بتهم الفساد

ساركوزى يرتدى سوار المراقبة الإلكترونى فى الكاحل بينما يقضى عقوبة بالسجن لمدة عام لإدانته بتهم …