ما الجديد لتبتئس؟
كتب سمير ألحيان إبن الحسين
__ يصلي بنا إمام مسجدنا الصلوات الجهرية بكتاب الله كاملا..
يختم بنا كل عام مرتين أو ثلاثا ناهيك عن ختمة رمضان..
يمرِّر القرآن على قلوبنا قبل أسماعنا… يصعد بنا ويهبط مستثمرا ما حباه الله من صوت حسن وفهم حسن… فإمامنا شيخ في الحديث والقرائات قبل أن يكون إماما في الصلاة..
المهم أننا نعيش معه أيامنا هاته سورة هود… وما أدراكم ما سورة هود عندما تتلى عليك في صلاة الفجر في أيامنا العصيبة هاته؟!!
يشعر المرء معها وكأنه يذهب إلى ربه يشكو إليه حال إخوته المحاصرين، وأمّته التائهة، وسطوة الظلم الموجعة… وجدته سبحانه في كل صلاة يؤدبني بصوت الشيخ قائلا في اليوم الأول مقولة المعاندين لنوح:
“قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنتَ مِنْ الصَّادِقِينَ”
وفي اليوم التالي أجدني أسمع استخفافات قومَيْ هود وصالح بأنبيائهما…
واليوم حزّ في قلبي انفراد لوط عليه السلام وهو يواجه وحده الشواذ الوقحين من بني قومه مستعطفا إياهم ألا يخزوه أمام ضيوفه متمنيا أن لو كان يأوي إلى ركن شديد يحتمي به من قبح ودناءة هؤلاء الأوباش!!
عدت من الصلاة أهتف في أذن نفسي:
وما الجديد أيها المسكين؟!
أليست هذه رسالة الله التي يحاربها أصحاب الفطر المنتكسة على مر العصور؟!
أليس هذا صمود المصلحين لها ولو فرادى؟!
أليس هذا استشراء الفجور واستئساد أهله ظنا منهم أن الكون لا رب له!!
أليس هذا هو التدافع -الذي لم ينقطع يوما-بين المصلحين رغم قلتهم، والمجرمين رغم كثرتهم… حتى يكتمل اختبار المؤمنين، ويستنقذ الله من النار من وجد في قلوبهم ولو وميضا من أنوار الهداية ثم يسحق البقية أو يكبتهم أو يخزيهم ولا يبالي!!
ما الجديد إذاً لتبتئس؟
هل غشك أحد، أو أجبرك أحد؟
الفرق الوحيد بين ما سمعته من آيات هود، وما تراه من المحاربين لكل هود..هو أن الله سبحانه كان يُرِي هودا مصارع قومه ونهايتهم، لكنه مع محمد وأمته أوكل الأمر ليقينهم بربهم!!
عدت يومها كطالب كان متخبطا متعثرا فأوقعه الله في معلم بصير، أذهب حيرته، وأجاب مسألته!!
لذلك لم أتعجب عندما قرأت أن الذي شيّب النبي صلى الله عليه وسلم منها:
“فاستقم كما أمرت”
لأن التكليف صعب، والثابتين المستقيمين عليه قلة!!
ما أبرد القرآن على القلب…لا سيما حين يأتيك على ظمأ، وما أشفاه عندما ينزل على وجع… ووجعنا اليوم ليس ككل وجع!!
الحمد لله على نعمة القرآن.