أخبار عاجلة

ماذا فعلت الصين لتواجه الحرب التجارية الأمريكية؟

ماذا فعلت الصين لتواجه الحرب التجارية الأمريكية؟
كتب/ أيمن بحر
منذ بداية الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة فى عام 2018 فرضت الولايات المتحدة مجموعة من الرسوم الجمركية على العديد من المنتجات الصينية فى محاولة للحد من الهيمنة الاقتصادية للصين. وكان لهذه القرارات تأثير كبير على الاقتصاد الصينى خاصة فى ظل الاعتماد الكبير على الدولار الأمريكى فى النظام المالى الدولى. لكن الصين التى لطالما تمتعت بالقدرة على التكيف مع التحديات الاقتصادية اتخذت مجموعة من الإجراءات الاستباقية لتقليل تأثير هذه القرارات والتخفيف من آثارها على اقتصادها.
لم تقتصر إجراءات الصين على الرد العاجل والمباشر فقط بل اعتمدت على استراتيجية طويلة المدى تهدف إلى تقليل اعتمادها على الدولار الأمريكى. ففى الوقت الذي كانت فيه الولايات المتحدة تفرض رسومًا جمركية على المنتجات الصينية عملت الصين على تقليل حصة الدولار فى احتياطياتها النقدية وزيّنت محفظتها من العملات الأجنبية عبر إضافة الين اليابانى اليورو، والجنيه الإسترليني. هذا التنويع فى الاحتياطيات النقدية ساعد فى تقليل المخاطر المرتبطة بتقلبات الدولار، مما منح الصين مرونة أكبر فى التعامل مع التقلبات الاقتصادية العالمية.
من جهة أخرى سعت الصين إلى تعزيز دور اليوان الصينى فى التجارة الدولية كبديل للدولار الأمريكى. فقد توقعت الصين أن تعزيز استخدام اليوان فى المعاملات التجارية عبر الحدود سيساهم بشكل كبير فى تقليل الاعتماد على الدولار فى التجارة العالمية. ولهذا السبب قامت بتوقيع اتفاقات ثنائية مع العديد من الدول لاستخدام اليوان فى التبادلات التجارية كما عمدت إلى فتح أسواقها المالية لمزيد من تداول اليوان. تم أيضًا تشجيع الشركات الأجنبية على استخدام اليوان فى المعاملات بدلاً من الدولار فى خطوة تعتبر بمثابة جزء من استراتيجية الصين لتوسيع نطاق استخدام عملتها على الساحة الدولية.
وفى الأيام الأخيرة شهدنا تصعيدًا فى الإجراءات الصينية عندما قررت الحكومة رفع الرسوم الجمركية على الواردات الأمريكية ردًا على زيادة الرسوم الأمريكية على المنتجات الصينية. لم تقتصر الاستجابة على هذه الرسوم فقط بل استهدفت الصين أيضًا وقف صادرات المعادن النادرة إلى الولايات المتحدة وهى خطوة استراتيجية تهدف إلى الضغط على القطاعين التكنولوجى والدفاعى الأمريكيين اللذين يعتمدون بشكل كبير على هذه المعادن. كما اتجهت الصين إلى البحث عن قنوات تجارية غير رسمية لتجاوز القيود عبر تغيير ملصقات المنتجات وإعادة تصديرها عبر دول أخرى ذات رسوم أقل. هذه الاستراتيجية أكدت قدرة الصين على التكيف مع التحديات الاقتصادية العالمية بمرونة وسرعة.
لكن الإجراءات الصينية لم تتوقف عند الحدود الحالية حيث ركزت على استشراف المستقبل من خلال تطوير اليوان الرقمي (e-CNY). يعد هذا المشروع جزءًا من رؤية الصين المستقبلية لتقليل اعتمادها على الدولار فى المعاملات المالية العالمية وتوسيع استخدام عملتها فى التجارة العابرة للحدود. إن اليوان الرقمى يوفر للصين أداة جديدة للتوسع المالى ويساعد فى تعزيز مكانتها كقوة اقتصادية عالمية.
علاوة على ذلك فى خطوة لتعزيز التعاون الإقليمى وتحقيق استقلال مالى أكبر استضافت الصين فى يونيو 2025 الاجتماع السنوي للبنك الآسيوى للاستثمار فى البنية التحتية (AIIB). هذا الاجتماع يمثل علامة فارقة فى تعزيز دور الصين فى المؤسسات المالية متعددة الأطراف، مما يساهم فى تقليل تأثير الهيمنة الأمريكية على النظام المالى العالمى.
مع تصاعد التوترات بين القوتين العظميين، يبدو أن الصين ليست مجرد ردة فعل فى هذه الحرب التجارية بل هى تسعى استباقيًا لتحقيق استقلال مالى وتعزيز نفوذها الاقتصادي. تتسم استراتيجيات الصين بالمرونة والتنوع مما يعكس قدرتها على استشراف المستقبل وتوجيه جهودها نحو بناء نظام مالى متعدد الأقطاب. هذه الاستراتيجيات المدروسة بعناية تهدف إلى تقليل الخسائر وتعزيز استقلالها المالى ما يشير إلى مرحلة قد تتجاوز التصعيد التجارى إلى مواجهة شبه مباشرة مع الولايات المتحدة. والتى تحاول الصين أن تكون فى موقف قوى يمكنها من فرض تحديات كبيرة على الهيمنة الأمريكية فى المستقبل. إن الصين تُعد نفسها لمواجهة قادمة قد تكون أكثر تعقيدًا وأعمق فى تأثيرها على النظام الاقتصادى العالمى وهو ما يشير إلى تحول جوهرى فى النظام المالي العالمى الذى لطالما هيمنت عليه الولايات المتحدة

شاهد أيضاً

حميدتى: أحلم بسودان حر ديمقراطى تعددى

حميدتى: أحلم بسودان حر ديمقراطى تعددى كتب/ أيمن بحر قال محمد حمدان دقلو (حميدتى) قائد …