➖ ️لكل منا جليبيبه :
كتب سمير ألحيان إبن الحسين
__ قال رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “هل تفقدون من أحد؟
قالوا: لا
قال: لكني أفقد جليبيبا !!”
كم يغيب عنا كثير من شموس هاته الدنيا تاركين وراءهم وحشة في النفس، وشوقا في القلب، ودموعا في العين؟!
وددت لو أنني أدركت كل جليبيب أحببته قبل أن يفارق الدنيا فأوسعته عناقا وأشبعت عيني منه قبل أن يموت..
ووددت لو أنني ذهبت إلى كل جليبيب أحببته ولا زال حيا فلثمت جبينه، وسكبت عظيم حبي في حجره وقلبه ثم عدت..
فلكل منا جليبيبه الحي والميت..
فاشبعوا من الحي، قبل أن يلحق بصاحبه الميت..
فوالله ما في الدنيا ألذ -بعد قربك من الله- من حبيب يبرد عليك هجير الدنيا، ويشوق قلبك إلى مجالس الآخرة.
فمن كان له حبيب مثل ذلك فليشبع منه وليشد عليه وثاق قلبه..
ومن كان له مثل ذلك وفارقه فليوفه حق أخوته ميتا كما كان يريد ذلك حيا..
فالحياة بغير وجود مثل جليبيب… لا تطيب.
قلت لكم هدا لأنه يحز في النفس تلكم الجنائز التي يُدفن أصحابها بلا كثير مصلين أو معزين، وأحيانا يصلى على أصحابها أو على بقاياهم بعدما قضوْا حرقا أو فقدا أو هدما…
غير أنني تذكرت أن في عالم الغيب جنازات وحفلات استقبال أكثر من عالم الشهادة..
ففيه ملائكة تغسل وتشيع وتحمل النعوش وتستقبل وتزف وتبشر أهل السماوات بمقدم ذلك الوافد الجديد!!
ألم يأتك نبأ سعد بن معاذ؟
شيعه سبعون ألف ملك… وحملت الملائكة نعشه..واهتز لموته عرش الرحمن!!
وحنظلة بن أبي عامر الذي قال عنه صلى الله عليه وسلم بعد غزوة أحد:
هذا صاحبكم غسلته الملائكة…
نحن نعيش بعينين وساقين لتكون إحداهما في عالم الغيب والأخرى في عالم الشهادة..
لذلك نصبر ونحتسب وندخر السعادة الكبرى من أجل جنازات الآخرة لا الدنيا…
“وللآخرة خير لك من الأولى”
كم من نبي مات بلا صديق يؤازره أو عصبة تأتمر بأمره..لكن شرفه عند الله أكبر من كل أصحاب الجنازات العسكرية في الدنيا..
وفي الحديث: “ويأتي النبي وليس معه أحد”
أي يأتي أنبياء يوم القيامة ولم يؤمن بهم أحد…لكن هذا لم يمنعهم أن يكونوا يوم القيامة في مواكب الأنبياء ومواقف العظماء.
وأبو ذر رضي الله عنه لم ينقص من قدره أن مات غريبا باختياره..لأن الذي هون عليه ذلك أنه سيبعث يوم القيامة أمة وحده…فآثر وحدة الدنيا لحفلة الآخرة.
وهذا ما يعيد عندنا ضبط البوصلة وتثبيت المعنى…
الجنائز الحقيقية هناك لا هنا…بدءا من استقبال الملائكة الأرواح في مناديل الجنة، ومرورا باستفتاح أبوابها، وانتهاء بحفل برزخي يستقبل فيها كل مصلح أو شهيد أحبابه الذين سبقوه بالإيمان…
ونسأل الله أن نلقاهم على ما سبقونا به وعاهدناهم عليه.
يؤلمني بلا شك كثرة المفقودين من إخواني، وأتوجع لا ريب لغياب أقرب الأقربين عن نظرة الوداع أو تلقي العزاء، أو بث الأحزان لمن حولهم…
لكنني عندما أتذكر الآخرة ومواكبها ، واستقبالاتهم، وأفراحها… تهدأ نفسي.
فما نحن سوي جنائز مؤجلة في المنتهي والأخير
والحمد لله أننا مسلمون.