بقلم / عادل خلف القليعي .
بداية لابد أن نقدم تعريفا للمصطلحين، فما المقصود بثقافة الحوار.
المقصود بها من وجهة نظري فهم واستبصار وإدراك الموضوع محل المناقشة، ثم إدارة الحوار بموضوعية مع طرح الذاتية وعرض رأيك مع فتح قناة تواصل مع الاخر والانصات إليه باهتمام والدخول معه في حوار بناء من خلال عرضه لرأيه.
أما الحوار الثقافي فهو عبارة عن اختيار نقطة حوارية في موضوع ما سواء كان هذا الموضوع سياسيا، اجتماعيا، اقتصاديا، سيكولوجيا مع دعوة أهل التخصص وذلك لتبادل الآراء والأفكار من خلال تنظيم حلقة بحثية أو ندوة أو أي مسمي آخر أمسية مثلا ويدير الحوار إداري بارع يمسك بزمام الحلقة النقاشية حتي لا يطغي أحد علي الآخر.
والغرض من المصطلحين الخروج بحوار بناء من الممكن أن نستفيد بما يقدمه من آراء وأفكار واطروحات ومعالجات ونتائج إلي إيجاد حلول لكثير من مشكلاتنا التي تمس واقعنا المعيش، كمشكلة -القطيعة المعرفية، أو التفكير الأحادي الجانب، أو العزلة الفكرية، أو مشكلة التبعية الممقوتة، أو النزعات التشددية عند أصحاب بعض الديانات السماوية، أو الوصاية الفكرية المتمثلة سلبيا أفعل ولاتفعل.
أنا الذي أفكر لك، أنا الذي أكتب لك ، أنا الذي أخطط لك، من دوني لاتستطيع أن تحيا.
أو محاولة الآخر بسط هيمنته عليك، كالذي يحاول الغرب المتطرف أن يفعله مع أبناء العالم الثالث، أو كما يدعي بعض المستشرقين من مقولة(الغرب المتمدن، والشرق المتخلف). وكثيرة هي مشكلاتنا المعاصرة، إذا أردنا الكتابة عنها لاتكفينا مقالات كثيرة ومقالات، فواقعنا متجدد سيال متدفق وقضايانا لاتنتهي طالما أن هناك كائن حي اسمه إنسان ، فانسان اليوم ليس هو إنسان الأمس وإنسان الحاضر دأبه وديدنه السعي الدءووب لأن يكون إنسان ينطلق إلي آفاق جديدة.
وتحضرني مقولة للفيلسوف الأبيقوري (أبيقور) مؤسس المدرسة الأبيقورية في العصر الهيلينستي الذي غلبت عليه روح حضارات الشرق بنسكه وزهده، يقول أبيقور”التحرر من المستقبل عبودية للحاضر”فلا تقوقع ولاتمركز ولا لف كفرجار مثبت المركز يلف في دوائر متحدة المركز، وانما يطالبنا أبيقور بالانطلاق خارج الدائرة والتفكير خارج الصندوق من أجل الوصول إلي المستقبل بآماله وطموحاته.
هل حقا ونحن أبناء القرن الحادي العشرين نفتقد هذين المصطلحين،ثقافة الحوار والحوار الثقافي؟!
أقول تعالوا معي إلي ما يحدث في الندوات العلمية المصغرة أو حتي المؤتمرات المحلية والدولية علي حد سواء، المنصة منعقدة أوراق بحثية من هنا وهناك، قاعة حافلة بجمهور من شتي صنوف المعارف.
نبدأ بالباحث ونجابهه بسؤال :لماذا أتيت إلي هذا المؤتمر هل حقا لأنك تريد أن تحاور الآخر وتستفيد منه وتفيده فكريا أم أنك أتيت إلي هنا لتحصل علي جواز مرور لترقيتك ، إن كان صريحا مع ذاته ومعك سيقول لك الحقيقة.
نترك الباحث قليلا ونتجه صوب رئيس المنصة أول شيئ يبدأ كلمته بهالات من الترحيب والترحاب وأشكر وأشكر وأشكر ويضيع نصف الساعة في الشكر ثم يقدم الباحث قائلا أعرض يا فلان لورقتك البحثية فيما لايزيد عن ربع الساعة، يا سيدنا قدمت نفسك وشكرت العالم في أكثر من نصف ساعة وتطلب من الباحث أن يقدم بحثه فيما لايزيد عن ربع ساعة،وهكذا دواليك مع كل من علي المنصة.
السؤال ما الذي استفاده الحضور ؟! أي استفادة وأي ثقافة وأي حوار، لاثقافة حوار ولا حوار ثقافة .
تجد الباحثين يتسابقون مع الزمن حتي لاتمر الربع ساعة، أي فكرة يريد أن يوصلها للحضور فشل يعقبه فشل سيتبعه فشل.
نأتي إلي فتح باب الحوار، الحوار الثقافي وثقافة الحوار،
الحاضرون يريدون أن يسألوا، يرد رئيس المنصة(رئيس الجلسة) سنأخذ عددا محدودا من الأسئلة، لماذا عدد محدود لأننا مرتبطون بموعد الراحة والغداء(الأوبن بوفيه) ومواعيد سفر الأساتذة.
يا استاذنا لم نقطع كل هذه المسافات لنأكل ونشرب وانما أتينا للإستفادة لمحاولة الوصول لحلول للقضايا التي تلمس واقعنا لمسا حقيقيا .
ثم نأتي إلي جلسة الختام والتوصيات تجد لا نتائج ولا توصيات وانما تحصيل حاصل، أو بأسلوب راق مهذب تلخيص وإجمال لوقائع الجلسات، طبعا لا أعمم أحكامي فهناك مؤتمرات مثمرة جدا تخرج بنتائج مفيدة وبناءة ليس الغرض منها التعارف بين الحضور والتقاط الصور التذكارية، وانما هدفها بناء حوار ثقافي حضاري يخرج بنا من دائرة القطب الأوحد إلي الانصهار والذوبان في أقطاب كثيرة،ةمن أجل إثراء الحوار الثقافي واثراء ثقافة الحوار، قل رأيك وأنا اسمعك نفكر سويا بصوت مرتفع، اسمعني واسمعك، أعرني انتباهك وأعيرك انتباهي، فهكذا تبني الأمم، بناء فكريا يودي بنا في نهاية المطاف إلي أن نقول نحن والآخرون والآخرون ونحن، جميعنا يعيش علي كوكب واحد الكل يفكر ، الكل يعمل عقله خذ عني وآخذ عنك .
فالفكر يا سادة ليس له دين ولا وطن يوجد الفكر متي وجد الانسان. تحاياتي لحضراتكم.