عظمة الحديث النبوى الشريف
بقلم / محمـــد الدكــــرورى
إن السنة النبوية المشرفة هى ثاني مصدر للتشريع الإسلامي بعد القرآن الكريم، لكنها تختلف عن القرآن الكريم بطريقة النقل التي وصلت بها إلينا لأن القرآن الكريم متفق بين المسلمين جميعا على أنه وصل إلينا متواترا، أمّا الحديث النبوي الشريف فمنه ما هو متواتر ومنه ما هو آحاد، وأيضا ينقسم الحديث الآحاد إلى عدة أقسام وهي الحديث المتفق على صحته وقبوله وحجيّته، والحديث المتفق على رفضه ورده وعدم الاحتجاج به، والحديث المُختلف في قبوله أو عدم قبوله، وهذا النوع هو الذي يندرج منه الحديث المرسل، ولقد كانت هذه الأمة مرحومة في أول عهدها، فقد جمعها الله تعالى على الهدى، وحماها من اتباع الهوى.
ولم يكن جيل صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرفون غير محبته وطاعته وتوقيره، واتباع النور الذي أنزل معه، يتعلمونه ويعملون به ويدعون إليه في كل شؤونهم دقيقها وجليلها، صغيرها وكبيرها، وكلما ابتعد الناس عن زمن الوحي ضعفت السنة في قلوبهم ونقص الإيمان في أفئدتهم، فخير القرن قرن النبي صلى الله عليه وسلم وهى المائة سنة الأولى، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، ولئن كان الصحابة الكرام رضي الله عنهم قد أنكروا محدثات ظهرت في وقتهم، وبكوا على سُنن ماتت في حياتهم، فما بالك بمن جاء بعدهم، ولما بعد الزمان وطال بالناس العهد، وضعف الإيمان وكثر الخبث والنفاق وقلّ الورع فقد تجرأ كثير من الناس على القول والكلام.
فقال كل بهواه، وتكلم بما لا يرضاه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وفي هذا الزمان، زمان الفتن التي يرقق بعضها بعضا رأينا العجائب والعظائم، رأينا أمورا لا يسع أحد السكوت عنها بحال فمن ذلك السخرية والاستهزاء بالسنة النبوية الشريفة، ومعارضتها بالعقول والآراء، والرغبات والعادات، متناسين قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في جهنم” فاحرصوا على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فتعلموها واعملوا بها، استضيئوا بنورها في حوالك الشبهات، وتزينوا بها عند انتشار الشهوات، فهي زينة العمل الصالح وبهاؤه، وسناؤه وجماله، والمتمسكون بها أكمل الناس عملا.
وأقربهم صوابا، وتذكروا قول نبيكم صلى الله عليه وسلم “تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا أبدا كتاب الله وسنتي” وكونوا دعاة إلى سنته لتحضوا ببركة دعائه صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه ” نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها” فإن الله عز وجل قد أنعم علي المسلمين بنعمتين عظمتين، هما من أثبت وأشرف النعم، حيث قال الله تعالى فى سورة البقرة ” واذكروا نعمة الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به ” فالنعمة الأولى التي ذكرها الله سبحانه وتعالى، هي نعمة إنزال القرآن الكريم، فالقرآن هو النعمة الباقية، والعصمة الواقية، والحجة البالغة، والدلالة الدامغة، وهو شفاء لما في الصدور، والحكم العدل عند مشتبهات الأمور.
وهو الكلام الجزل، وهو الفصل الذي ليس بالهزل، سراج لا يخبو ضياؤه، وشهاب لا يخمد نوره وسناؤه، وبحر لا يُدرك غوره، بهرت بلاغته العقول، وظهرت فصاحته على كل قول ومقول، فقال الله تعالى فى سورة المائدة ” قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدى به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم ” وإنه كتاب الله عز وجل، هذا الكتاب الذي بين أيدينا، ولقد نزهه الله تعالى عن الخطأ والزلل، وجعله فصلا في كل أمر، وصالحا في كل زمان ومكان فقال عنه المولى سبحانه وتعالى فى سورة فصلت ” لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد “