أخبار عاجلة

شهقتان و تراتيل من سفر عشتار 

شهقتان و تراتيل من سفر عشتار

الشاعرة والكاتبة المغربية خديجة السعيدي ٠

تغريدة الشعر العربي السعيد عبد العاطي مبارك الفايد – مصر

” يا فاس ما للروح تشرب سهدها؟
بربى الضياء حظوظ نجمي عاثرة

أهي المدينة من تقض مضاجعي؟
أم قضها نزفٌ لذكرى آسرة

إذ فار تنور الحنين مغالبا
وجرى سفيني بالمآسي العابرة ٠
” من ديوان : شهقتان ”
٠٠٠

تاهت عيوني في المدائن تذرف
تمشي على غيم الشعور و تنزف

قد كنت أرتاد الضياع بساحها
حتى بدا لي بارق يتكشف

كم بث في روحي لحونا من سما
تلك المآذن للجلال تلهّف

مازلت بين القبض و البسط الذي
في خلوتي أو جلوتي يتطرف

حتى إذا هبط الجمال بأرضها
شوقا تلبّسني خشوعٌ مرهف ٠
” من ديوان : تراتيل من سفر عشتار ”
٠٠٠٠٠٠٠٠
من المغرب الشقيق تتوقف تغريدة الشعر العربي في مدينة ( فاس ) مع الشاعرة خديجة السعيدي التي تحمل نوبات عشق وتراتيل تختصر رحلة العمر في انعتاق نحو انعكاسات الوطن و ظلال الوجدان تحمل رسالة عشق تزين بها متهات البراح في لحظات استثنائية ،
ولذا تحمل هموم الدم العربي ، عناوين دواوينها تستوقفني في فلسفة جمالية ٠
فهذه شاعرة مطبوعة تمتلك خصائص القصيدة الفنية بكافة المعطيات من لفظ جزل ولغة متماسكة وصورة بلاغية وخيال خصب وموسيقى شادية تجمع فيها ألوانها المتباينة في لوحاتها الشعرية كإنطلاقة تنم عن موهبة متأصلة و ثقافة متعددة الجوانب تحصد من خلالها أغراض القصيد بين عبقرية القديم وحداثة المعاصر في تناغم هكذا ٠٠٠

* نشأتها :
=====
ولدت الشاعرة والكاتبة المغربية خديجة السعيدي بمدينة فاس ٠
• مدرسة لغة عربية و إطار بالإدارة التربوية.

• شهادة الدراسات العليا المعمقة في الأدب العربي من جامعة محمد الأول بمدينة وجدة. وماستر لسانيات.
• شهادة التأهيل التربوي.
•تكتب الشعر الفصيح العمودي وشعر التفعيلة والسرد والنقد الأدبي
•من إبداعاتها المطبوعة:
————————-
* ديوان شعري بعنوان: (شهقتان) من تقديم الشاعر العربي الكبير محمد علي الرباوي. مطبعة وراقة بلال فاس المغرب 2018.
* ديوان( تراتيل من سفر عشتار ٠
* ديوان ورد من دم عربي بالاشتراك مع 20 شاعرة عربية. دار كوتوبيا. القاهرة 2020.
* ديوان شعر بعنوان: (تلك القوافي).

* سيرة روائية بعنوان: (أسجال من نهر الحياة) صدرت عن دار الدفاع الثقافي بتازة وطبعت من طرف مطبعة أنفو برانت بفاس. سنة 2019 م ٠
* كتاب نقدي : المرأة الرمز في شعر أحمد مفدي. مطبعة بلال فاس 2021 م ٠

• حاصلة على جائزة كوتتوبيا للنشر عن الديوان الذي قامت بتنسيقه وتقديمه والمشاركة فيه مع شاعرات عربيات بعنوان “ورد من دم عربي”. صادر عن دار كوتوبيا 2020.
•نشرت الكثير من القصائد والمقطوعات الشعرية بمجلات ومنابر ورقية وإلكترونية.
• شاركت في الكثير من الملتقيات واللقاءات الإذاعية والتلفزية و الندوات العلمية والاحتفاليات الشعرية والثقافية الوطنية والدولية، آخرها مهرجان ربيع القوافي الذي نظمته الجمعية الدولية للشعراء العرب شهر يونيو 2020.
و هى شاعرة تحافظ على الوزن الخليلي العمودي مع التجديد في روح القصيد بجانب الشكل العمودي في حلقة تواصل ٠

* مختارات من شعرها :
—————————
تقول خديجة السعيدي في قصيدتها بعنوان ( قلبٌ وافر الخصب ) حيث تترجم بواعث الأمل والاخضرار المكون لتلك الحياة الرحبة :

وشما على الروح، هذا الحلمُ لمْ يغبِ
ينداحُ في رحلةِ الأشواقِ للشّهبِ

زرعْتُ أنفاسَهُ في العُمر أَخْيلةً
حينَ ارتضى لي سنا الأسماءِ قلبُ أبي

وكُلّما قلتُ: يا أحلاميَ اقْترِبي
بانتْ، فأذْكى سَناها هِمّةَ الطلبِ

حتى إذا صَحّتِ الرؤيا نَثرْتُ ندى
منْ غيْمةِ الرّوحِ في الأسفارِ والكتبِ

سافرتُ، حلّقتُ في الآفاقِ كنتُ رؤى
تُلامِسُ الْمُنتَهَى، والحبّ يرْحلُ بي

واللّيلُ ينتظرُ العُشّاقَ في وَلَهٍ
يُعلّقُ الوعْدَ في شبّاكِهِ العِنَبي

دسّ الشّذى في دماءِ الوردِ لوعتَهُ
واهْتزّ منْ رقصةِ الآهاتِ في العُشبِ

وفي الدّجى انْسابَ صُبحٌ مِنْ رُؤى امرأةٍ
تَبَتّلَ النورُ في مِحرابِها الرّحِبِ

بينَ التّفاصيلِ كانتْ روحُ نَسْمتِها
تحوكُ للفجرِ إشْراقا بِلا حُجُبِ

أريجُها الصّدقُ، في الأرواحِ سالَ نَدى
كما يَسيلُ حَلا الواحاتِ في الرُّطَبِ ٠
***
متى كان قلبي لوحة فيه شكلت
تجاعيد يأسي؟
قد عراه التمرد

متى كان صوتي بحة للأسى
وها صداه دعاءٌ
في المدى يتردد

متى كان صمتي للأنين انهماره
وفيه اختفى للأغنيات
التنهد

على جمر آهاتي رؤايَ تمدّدتْ
ومن حولها كل المعاني
تَمَدّدُ

فقد أُمسِكُ المعنى برؤيا توقدت
ويغري فراشاتي الحسان
التوقّدُ

***
و في قصيدة أخرى بعنوان ( همس من حديث الغيم ) تغازل حنين المطر والهوى والشباب غيمة تبلل الغزال المتبختر بين الوادي والسهول تعانق الحقيقة كالفيلسوف المغني :
سيأتي من صدى النجوى
لِواذا
شدا حواء تنسجه
ملاذا

تمرّ بغابة الدّجن انبلاجا
وكانت تغزل الضوء
انتباذا

إذا وافى مضيقَ الفهم معنى
يشذ، وكلما أبدته
آذى

فتشعل في دجى الوجدان حسا
متى ما اشتد زادته
نفاذا

ليومض من تراتيل الأماني
ضياء الشعر للأقمار
حاذى

يصلي للعذوبة والمعالي
وينثر وابل الفحوى
رذاذا

ويسكب حبرَها وجعا مُضاءً
متى خفتت يسائلها:
لماذا؟

أيُجري الحبُّ “هاجرَ” في دماء
ولا تسقي العروقُ لها
وجاذا

وتنذر “مريم” الغيمات نبعا
ولا يسّاقط المعنى
لَذاذا؟

تصوغ الفجرَ “إنخدوانُ” شعرا
وتنثر شمسها الجذلى
جذاذا

فهل يخفي حديث الغيم سرا
وينسج خيط رقتها
عياذا؟

لينقش سحرها بين القوافي
مجازا أدفأ المعنى
و لاذا ٠

***

ونختم لها بقصيدة عن المعلم بعنوان ( تلويحةٌ على شرفة الوفاء
_) في رسالة إيمانا منها بعمق الرؤى ، حيث تقول فيها خديجة السعيدي عن بعض فضله :
قم للمعلم فالمقام تَشَرُّفُ
من نبعه ثغر الفضائل يرشف

هذي خطاك هديَ النبوة تقتفي
في كل أروقة القلوب تؤرشَف

أهديتَها للتائهين منارة
تبدو إذا لف الظلام فتكشف

كم تحتسي الأرق المرير كشمعة
ذابت على أعتاب ليل يزحف

حتى تضيء النشء حين أكفهم
مُدت إلى الأفق البعيد تزخرف

يحكي انسيابُ الضوء في ليل اللحى
عن رحلة الأيام عجلى تُقطفُ

عن حكمة الأنوار تحضن رأفة
تعب السواد من الليالي ينزف

عن خطوك القدسي ينثر لؤلؤا
يسقي ثرى الآمال إذ يتقصفُ

كم رمت ساقية العلوم ملأتها
تسقي الرؤى للظامئين وتغرفُ

من أبحر العلم الذي قد حزته
طوبى لهم ، رياك لا يتوقفُ

أنت الملاذ يراه في آفاقهم
كل الصحاب إذا عَراهُمْ موقفُ

في كفك البيضاء زال سواده
تهمي بغيث البشريات فتسعف

تأتي إلى جرح الجميع مبلسما
تحنو على تعب الضعيف وترأفُ

الان تمضي للنهاية صامدا
نجواك تسبيح وزادك مصحفُ

نقفو على عجل خطاك ونقتدي
والخطو في أثر الكرامة مُرهفُ

انا وان صغنا الحروف قلادة
رَصّتْ خصالك لا تفيك الأحرفُ ٠

هذه كانت قراءات أولية في عالم شاعرتنا المغربية زهرة مدينة فاس ذات الدلالات الجمالية و التراثية فجاء شعرها قلائد خليلية ذات أخيلة متنامية متماسكة اللفظ و المعنى في ثقة تنهض برسم الحلم من خلال التراتيل الملكية لسفر عشتار الجميلة المتحسرة على رائحة ورد الدم العربي دائما ٠
مع الوعد بلقاء متجدد لتغريدة الشعر العربي إن شاء الله ٠

شاهد أيضاً

رواية رائحة العندليب حوار أدبي || مع الروائي السعودي عبدالعزيز آل زايد

رواية رائحة العندليب حوار أدبي || مع الروائي السعودي عبدالعزيز آل زايد حوار: د.هناء الصاحب …