سيكولوجية الطاغية
إعلم أن الفاضل يعرف حق الفاضل ،والحقير لاتنتضر منه قطمير.
هذا لكل طاغية،التحذيروالإستعادة من سوء الحاشية والبطانة.
الإيضاح والبيان في من هم مفسدون للحاكم والسلطان.
عن العلاقة الجدلية مابين الطاغية ومحيطه أتحدث
فمن المعروف والمتعارف عليه عند أولي الأمر والشأن في مجال السياسة الشرعية أنه إذا صلحت بطانة وحاشية السلطان صلح السلطان واستقام .
اما إن فسدت ففساده في فسادها .
ففسادها هو بمثابة إعلان مباشر و صريح وواضح بميلاد طاغية .
هذا الطاغية الجرئ والمتسلط والمتكبر والمعتد بنفسه حتي أنه قد تصل به السفاهة والحماقة حد إدعاء الألوهية والربوبية ويعتقد أنه علي أمره ونهيه وتصرفه تشرق الشمس وتغيب وأنه هو من يبدأ الخلق ويعيد وهو من يحيي ويميت وهو الدي يرزق ويمنع ويضر وينفع في أعضم تلبيس لبس عليه و في تحدي وعناد وتكبر منه على الخالق البارئ المصور المقدس في أعلى عليين لما لا وهو و أقرانه وأشباهه و إبليس اللعين سواء. ألم يقولوا أن من شابه أباه فما ضلم ،وسيبلغ ان يصيبه العته والجهل والمين و يرجوا ويتوق ويرمي إلي الإفراط في التسلط والتوسع وكل هؤلاء الطغاة الحقيرون الوضيعون عند الله قبل غيره. سعي ويسعى وسيسعي إلي تكوين عالمه وفق فكره ومنهاجه ،ودستوره المريض والعفن لايهمه أي شيء أمامه ولايرعوي لنصح يقوم.
إعوجاجه ولا لأي حكيم يريد علو شأنه سلاحه الضارب القامع و الهالك لخصومه ليس سوي بطانة جهلاء خرقاء مريضة بحب السلطة ومتعفنة من رأسها إلى أخمص قدميها إدا إستشيرت أضلت وإدا إئتمنت خانت وإدا تحدثت كدبت وإدا عاهدت أخلفت وإدا خدمت غشت وإدا كلفت جارة يزينون له كل قبيح ويبالغون له في المدح والمديح ويصورون له كل جميل قبيح ويجعلون له كل قبيح جميل يزركشون له الأمور ويعضمون له القشور ويصرفونه عن اللباب من الأمور يفتون له بالحلال في الحرام وبالحرام في الحلال ويجعلون له الفاسق صادق والصادق منافق ويقلبون له الأمور ومعه عقله المتعفن المغرور يقلبون له الموازين
ويقيمون له الثماتيل ويجعلونه ربا معبودا من دون الله. يقلبون له القيم والمفاهيم ويجعلونه
يعيش في برجه العاجي اللعين.
يمنعونه من لقاء الجماهير والشعب،
ويطوقونه بألف طوق وطوق يخافون عليه من الحقيقة ويخافون هم من الأمة السحيقة يقول تعالى (يستخفون من الناس ولايستخفون من الله إد يبيتون مالايرضي من القول)يعيش دائما هو وهم في كهوف ومغارات مختبئون كالجردان والحشرات فحياتهم كانت دائما عدابا في عداب ليس له حد يوصف ولا أمد يوقف فهم دائما في رعب وخوف أليس الله قال في محكم القول والبيان (ومن يعرض عن دكري فإن له معيشتا ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمي) وقال أيضا في محكم تنزيله (ومن يعش عن دكر الرحمان نقيض له شيطان فهو له قرين)وهؤلاء هم شياطين الحاكم الدين يزيدون له غيا على غيه يلبسون عليه ويتلبسون به لايفارقونه ليل نهار يراقبونه ويراقبون حركاته وسكناته لكي لا يأتي يوم تتفتح وتنفتح عينه على الحقيقة وعلى الصواب لأنه متى علم الحق وعلم أهله فإن مصيرهم سيكون بئيسا وحسابهم عسيرا ومرادهم هو أن يضل الأمر على ما هو عليه لا يتغير ولا يتزحزح ولا تهب عليه نسائم ورياح وهواء التغيير والإصلاح وهؤلاء هم أعداء الإصلاح والعدو اللدود لتغيير فتراهم يحيطون بالحاكم كي لا يكتشف الحقيقة وتضهر بالتالي حقيقتهم وتنكشف عوراتهم وسوؤاتهم أمامه والحاكم وبطانته شركاء في الفساد والإفساد التشاركي الدي وقع بينهم فهو من جهة لم يكن موفقا ومسددا ولم يكن دكيا في إختيار بطانته ومحيطه وصحبته و معاونيه ومساعديه ففي صلاح البطانة يتجلى صلاح الحاكم كما هو معروف ومتعارف عليه وفسادها في فساده وهاته البطانة يجب أن يتم إختيارها بالدقة والعناية المتناهية لأنها ستقود أمة بأسرها إما للصلاح وإما للفساد وهاته البطانة يجب أن تستجيب لمعايير ومقاييس ومحددات صارمة ومضبوطة وبالدقة المتناهية والصرامة الشديدة كي لا تعبث بمصير ومصائر البلاد والعباد ومن المتعارف عليه أن الحاكم إدا أراد الإصلاح والتغيير والإستمرار في دالك الإصلاح والتغيير فإنه يختار وينتخب جلسائه ومستشاريه ومعاونيه من أهل الصلاحوالإستقامةأولا
ثم يجب أن يكونوا من أهل العلم الرباني الصحيح الصريح ويجب أن ينضاف إليهم المثقفون والمفكرون البارزون الدين يجب أن تتوفر فيهم نفس المعايير والشروط لكي يكونوا صالحين مصلحين ويكونوا له نعم الساعد والعضد ويكونوا بالتالي نعم الناصحين والمنصحين له بالطرق والوسائل التي حددها وسطرها الشرع الطاهر الحنيف أما إدا الحاكم لم يرد الإصلاح والصلاح وأن يركب سفينة التغيير ويحافض علي الوضع كما هو عليه وضع الإستبداد والطغيان والفساد والبغي والعناد فإنه يهمش هاته الطائفة أي طائفة. الصالحين المصلحين ويقرب ويدني إليه أنجاس وأردذال وأوسخ الخلق وكل ناعق وكل منافق وكل مصلحي تزلفي إستغلالي وصولي ويجعله بجانبه هؤلاء الذين لايفقهون ولايعلمون ولايزيدون .هم أبواق السلطان وفاسدوا الزمان يعيثون في الأرض فسادا لا يجلبون للبلاد أي فضل ولا أي فائدة تراهم ليل نهار يمجدون ويفخمون ويضخمون السلطان للتقرب إليه زلفي.
حتي أن بعضهم يرفعه إلى مستوى وإلى منزلة الربوبية والإلوهية يخربون البلاد ويهلكون العباد وينهشون الإقتصاد ويستنزفون الميزانيات ويستولون علي الأموال الطائلة.
فإدا إستنصحهم السلطان والراعي
كانوا له بئس الناصح المستنصح وبئس المشير والعشير يوردونه البلايا والمهالك فهو معهم إلي زوال وخسران وبوار وتراجع وتقهقر وزيادة ضلال وإضلال. يحكمون عليه بالذل والإذلال حتى إدا إستحكم الأمر تركوه في أحقر وأبئس مثال ووضع وإنفضوا من حوله كأنهم لم يكونوا ولم يكن لهم مقام بل تبرؤا منه ووصموه بأقبح وأشنع الأمثال والأشكال لما لاوهم ليسوا إلا كلاب والكلاب ربما أفضل منهم .
فالكلاب عرف عنها الوفاء في الشدة والرخاء وهكدا يتغير الحال من حال فسبحان مغير الأحوال فلا يدوم حال ودوام الحال من المحال والله هو المصرف والمقلب للأحوال والحكماء قالوا في أفصح وأمتع بيان وبرهان (الفاضل يعرف حق الفاضل والحقير لا تنتظر منه قطمير ) وهكذاحال الطغاة والبغاة على مر الازمان والعصور وتعاقب الأزمان والدهور. فالله سبحانه وتعالى يقول في محكم تنزيله:- (كلما دخلت أمة لعنت اختها ) ويقول ايضا :- { وَإِذا أَرَدنا أَن نُهلِكَ قَريَةً أَمَرنا مُترَفيها فَفَسَقوا فيها فَحَقَّ عَلَيهَا القَولُ فَدَمَّرناها تَدميرًا }[ الإسراء: ١٦ ] ويقول كذلك وهو اعز من قائل :- { قالَت إِنَّ المُلوكَ إِذا دَخَلوا قَريَةً أَفسَدوها وَجَعَلوا أَعِزَّةَ أَهلِها أَذِلَّةً وَكَذلِكَ يَفعَلونَ }[ النمل: ٣٤ ] . اللهم هيىء لبلاد المسلمين مخرج صدق وأمر رشد وإمام إصلاح وعدل . اللهم اصلح البلاد والعباد في ربوع العالم الإسلامي من مشرقه إلى مغربه. اللهم هيىء للأمة الإسلامية من يقودها إلى سبل الخير والسداد والرشاد والوحدة والعدل والمساواة . اللهم عاجلا غير اجل يارب العالمين امين .وصلِ اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن والاه إلى يوم الدين . حسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم .
بقلم الباحث الإجتماعي/ا. سمير الحيان