رَفِيقُ الْعُمْرِ
بقلم الصحفية/ سماح عبدالغنى
هَذَا الشِّتَاءُ يُوقِظُ الضَّجَرُ
يَحْمِلُ بَيْنَ طَيَاتِهِ تَغْرِيدَ الْمَطَرِ
يُوقِظُ دَفْءَ الْمَشَاعِرِ وَالذِّكْرَيَاتِ
فَيَنْصَهرِ جَلِيدُ النَّفْسِ وَتَهَلَّلُ الرُّوحُ بِالْفَرَحِ
يَشْتَغِلُ الْقَلْبُ بِالْحَنِينِ
وَتَسْرِي بِأَوْرِدَتِي كَسَلْسَبِيلٍ مِنَ الْفُرَاتِ
إِنْ حَضَرَ ذَاكَ رَفِيقُ الْعُمْرِ
يَمْلَأُ الْأَيَّامَ صَخَبًا
يُوقِظُ الدَّفْءَ وَالرَّعْدَ وَالْمَطَرَ
وَتتَفَشَّى فِي حُضُورِهِ السَّكِينَةُ وَالْجُنُونُ
ذَاكَ الَّذِي لَا يَعِدُكَ أَنْ تَصْفُوَ الْأَيَّامُ مَعَهُ
لَكِنَّهُ يَعِدُكَ أَنْ لَا يَتْرُكَكَ وَحْدَكَ فِي مُوَاجَهَتِهَا
تَجِدُهُ حِينَ تَحْتَاجُهُ بِلَا سُؤَالٍ
وَتَسْمَعُ فِي حُضُورِهِ صَوْتًا خَافِتًا يَقُولُ اطْمَئِنَّ أَنَا هُنَا
ذَاكَ الَّذِي يَغْفُلُ عَنْ عُيُوبِكَ بِإِرَادَتِهِ
وَيَعْلَمُ جَيِّدًا أَنَّ لَا أَحَدًا فِينَا كَامِلًا
يَصْمُتُ حِينَ تَكُونُ فِي انْهِيَارِكَ
وَيَحْتَوِيكَ دُونَ حَدِيثٍ
وَيَدَثِّرُ ارْتِجَافَكَ
ذَاكَ الَّذِي يَتَّسِعُ قَلْبُهُ لِهَفَوَاتِكَ،
وَيَرَى مَا يُخْفِيهِ غَضَبُكَ
وَيُنْقِذُكَ مِنَ الْغَرَقِ
وَيَقْرَأُكَ إِنْ تَغَيَّرَتْ مَلَامِحُكَ أَوْ تَغَيَّرَ صَوْتُكَ وَاخْتَنَقْتَ
كَمَا يَقْرَأُ الْإِنْسَانُ سَطْرًا كَتَبَهُ بِيَدِهِ
ذَاكَ الَّذِي لَيْسَ كَامِلًا وَلَا مِثَالِيًّا
لَكِنَّهُ صَادِقٌ مَعَكَ لِأَبْعَدِ حُدُودٍ
مَعَهُ فَقَطِ الشِّتَاءُ يُوقِظُ الدَّفْءَ
وَمَعَهُ فَقَطْ تَتَحَوَّلُ كُلُّ الْفُصُولِ فَرَحًا وَسَعَادَةً
مَعَهُ فَقَطِ الشِّتَاءُ يُوقِظُ الضَّجَرَ
وَالْمَلَلُ يَتَحَوَّلُ إِلَى الْجُنُونِ
مَعَهُ فَقَطْ تَسْتَيْقِظُ الطُّفُولَةُ
وَتَلْهُو كَالْأَطْفَالِ تَحْتَ الْمَطَرِ
وَتَتَحَوَّلُ الدُّرُوبُ رَعْدًا وَبَرْقًا وَضِيَاءً مِنْ حَمِيمٍ
هُوَ رَفِيقُ الْعُمْرِ
إِلَى تَنْتَهِيَ الرِّحْلَةُ وَتَنْدَثِرُ
هُوَ فَقَطْ مَنْ يَقُولُ لَكَ
أَنَا هُنَا
وَهَذَا يَكْفِي..
جريدة الوطن الاكبر الوطن الاكبر ::: نبض واحد من المحيط الى الخليج .. اخبارية — سياسية – اقتصادية – ثقافية – شاملة… نبض واحد من المحيط الى الخليج 