أخبار عاجلة

حافظة بلاستيك

عمل أدبي
قصة قصيرة
حافظة بلاستيك
مصر:إيهاب محمد زايد
يمر العمر في أيام تمر كالريح المرسلة. تعصف بنا مرة، وتدفع مراكبنا للإبحار فلم يعد بها لقاحا لتلقيح أزهر الأيام بينما تخشي النحل هذه الرياح ترصدها وتعرفها مما يجعلها ذات يؤرات في العلم والتعلم. هكذا الوحي. بينما البشر ترك لعقلة يبحث ، يتعلم، يناقش ، يقرأ. جميع الكائنات لم تحرها ماضيها ولا تبحث عن مستقبلها الا بالتزواج. فالفأر يقع بنفس الخطأ عبر أجيالة المسترسلة عندما تهاجم الإنسان يضع نقيع السم علي شيئ له رائحة. فيذهب اليه الفأر يقرضها فيموت. فتعليم الفأر مؤقت لا يورث لأحفادة. هنا الفرق بين سيد الكون وخادمية. إلا إن الانسان يميل إلي التأثر بالسلوك لهذه الحيوانات بل يسلك مسلكها. كان شابا يافعا قضضي عمره مثثل جيلة سجائر يدخنها يتعالي الدخان منها كمحرقة فخار علي فمه ليثبت أنه رجلا. وتميل أعضاءه أن يراسل إنثي فما زالت مشاعره بها عنفوان. وهذه الإنثي أيضا بها نفس المشاعر تبادله بعضها والاتجاه للخروج عن ألف هذا المجتمع الذي يدلل صبية بدلا من أ يكون رجالا في جيش الاقتصاد. بينما أبوه يستغرق وقتا طويلا في العمل ثلاثثث أشغال بعد الظهر بالوظيفة الحكومية، وفي المساء حارس يستغل ذلك لينام بعض سويعات. متي يكبر شبابنا؟ ومتي يرتاح الأباء؟ هذا الشاب يعيش هذه الفترة بالعبث وليس بالتخطيط الا من له ميول محكمة. أسرة قوية، جماعة إسلامية، طريقة صوفية، أو قرية لها مبادئ. هكذا قالها رئيس مصصر السادات. كان يحلم بأن تكون مصر قرية لها مبادئ فتحول إلي الرئيس المؤمن وتحول الشباب إلي الانشغال بما فتحت به مصر. شابات الأباء والشباب من عالم اللإنغلاق والانفتاح معا. هكذا كان نتاج شابا اليوم من تعليم متوسط أو جامعي. بلا عمل كحال هذا الشاب سيد. فسيد يحمل هموم التعلم بالمذاكرة. فكثثيرا من شباب جيله لا يحب المذاكرة. ليس كرها في التعليم. لكن أحدا لم يخبره بأنه سيصبح فأرا يأكل السم ويورث ذلك للأيام القادمة. تلحف شنطة البلاستك وبعض من سجائر الفرط التي أشتراها من باقي مصروفة من أب قد سحقته لقمة العيش وطلبات أسرة لا تعرف الا الطموح سبيلا. وهذا المحمول الذي يحمل رصيدا يكلم به سيد هذه الفتاة التي أردفت أن تكون في حرية شاملة في شارع يحكي تاريخ الأسر المصرية. الانغلاق التام داخل الاسرة، والانفتاح التام في الشارع يراهن علي ذلك سماسرة الشارع وساكنية. فهذه تبيع أبتسامتها، وهذه تنحرف إلي درجة لا تصلح لا أخت ولا زميلة. بينما سيد يخطب ودها يعيش معها ليغذ عواطفه وهو ابن سبعة عشر عاما. يحمل أوراقة يبحث عن عمل فلا يجد ما تعلمه مجدي. وأنا هذا الدبلوم لا يصلح إلا للعمل في شركات الامن والحراسة. أو ربما التطوع في الجيش والشرطة. يعيش سيد بهذا الحلم أن يجد وظيفة. تؤهله لعمل أسرة. ربما لا يفكر في أبية الذي لا يراه الا أحيانا بين افنية والأخري علي باب الحمام أو علي باب الشقة. لم يبقي بينهما الا السلام. فإذا ما كان هناك حنين ربما الأحضان تجمعهما وإذا ما كان الجفاء فلا سلام بينهما بل هذا الشد من إفعل ولا تفعل. إذا كنت لم تعلم أبنك أن يكسب قوت يومه فكيف يبني بيتا وكيف يشتري قبرا. وهذا الخوف الجاثم علي صدور الاباء أرهقهم للغاية. وجعل من أولادهم منعمين، متطرفين رغم الفقر، رغم العوز، ورغم هذا الجهاد الأكبر. ذهب سيد إلي صاحب عمل محل. هذا الأسلوب في التجارة أن يكون لك محلا يعمل فية أناس. طلب منه بطاقة شخصية. ليس ليؤمن عليه بل ليضمن أن يحبسة إذا خان الأمانة. كان سيد يدور في رأسه أن يعمل بعدما طرق كل الأبواب المفتوحة والمغلقة من خلال هذه الشنطة البلاستيك التي يحملها بيده. علاوة علي تكاليف المواصلات ولم يستطع التطوع بالجيش والشرطة. كان سيد قد صور بطاقتة لصاحب محل كشري. نعم المصريون يروج بينهم الطعام الخارجي. هذا تاريخهم ستجد ذلك من الدولة الفاطمية وحتي الأن. سيد ألتحق بمحل الكشري. يمسح المنضدة. يضع الشطة، وأيضا الدقة. كما أن هناك شيئا جديدا يسمي العيش المحمص. بينما سيد يعمل تدور في ذهنه هذه الأحلام المبعثرة الضيقة علي شباب يجب أن تقوم عليه أمة. علبة سجائر، ولعبة عروسة يقابلها ويحبها ويتبادل معها بعض من ملذات مدوفعة من غريزة الجسد لا يعلم سيد أنه أصبح كالفأر يدس له السم. كان إستسلام الأهات والخوف معا من الأيام المقبلةوهذا الخوف الذي ينسج خيوطة في محيط عمل سيد. الجميع يخشي بعضه البعض. كما أن الجميع يطمع في بعضه البعض. كان سيد وصل إلي هذا من خلال ترقبه لعيون الزبائن بالمحل. لم يعرف سيد أن ما به يوجد بكل زبون يقدم له طبق من الكشري. هذه الابتسامة المغشوشة التي يرسمها سيد رسما ربما من أجل جنيه ورق من نسيج قطن صنع بالخارج وأستوردته الحكومة بدولارات صعبة هذه جناية يحاكم عليها الجميع ولها أثار وصدي ونقائض وأشباه. فسيد جاء من بعض شوارعنا العشوائية وهذه القمامة التي أرتض الناس أن يعيشوا فيها. يطؤها بأقدامهم، وإذا جاع بعضه بحث فيها عن بقايا طعام. كان هناك رجلا أنيقا يدخل المحل يري سيد ويتابع حركاتة. ربما يتخمر بذهنه أن يمنحه مبلغا من المال. وبالفعل نادي عليه هذا الرجل
الرجل مبتسما: لوسمحت؟
سيد بلهفة: أأمر سعتك
الرجل وقد فتح ثغره بابتسامة أكبر:إسمك أية؟
سيد وقد نظر إلي الأرضي يرثي حاله: سيد
الرجل يرابط علي كتفه: وماذا بك أحسك مهزوما ومقهورا
سيد: لاء يابيه ليس بي شيئا غير أحلام مؤجلة
الرجل: ومن أجل أحلامك
سيد: الحكومة التي لا تعرف كيف تدير شعبها؟
الرجل مقتضباوكأنه حد أعضاء الحكومة: كيف ذلك
سيد وقد تعصبت كلماته أرتفع صوته :يحكموننا من المكاتب لا يعلمون همومنا
الرجل: وأين عقلك وأين ضميرك؟
سيد وقد ظهر عليه البله: وما دورهما.
الرجل: عندما تقدم لك الحكومة تعليم مجانا فعليك بإستكمال ذلك. وعندما تسن قانونا فعليك بضمير يحفظ هذا. يضم الرجل شفتيه ويرفع حاجبيه. ليس من وظيفة الحكومة إيقاظ الضمير. هذا ما ينقص الناس أقتضوا بأن يكونوا مهملين. كما ارتضوا بأن يكون عاطلين في العقل والجسد معا. عقل لا يبدع وجسد يقوم بملذات نصف نصف لا يقوم بها علي أفضل حال. وقلب صدأ لا حب، لا ترابط فيه يحفظ الجيرة، ولا عمق في تأدية الواجب. كان الناس ينصتون للرجل بينما سيد مسبهلا من هذا الحوار فقد فتح شيئا لا يعلم أساسه.
سيد يريد أن ينهي الحديث: حاضر يابيه. بينما هو كذلك يريد الرجل أن يوقظ ضميرة ليحدث تغيرا فيه. فشده الرجل نحوه ثم قال له هل تعرف هذه الأنبوبة من الغاز وهذا المنظم في إخراج الغاز. كان سيد قد انخفض صوتة وكان يخرج من أعماق أعماقه وكأنه المحيط الذي لا يعرف أسراره وما به من جواهر في حشاه
سيد: نعم أراها وأعرفها
الرجل: هذا هو دور الحكومة. ألا تسرق ثرواتك،أن تنظم مواردك،وأن تعتلي أمن هذه البلاد. ماذا عنك ياسيد. إذا ما أنتهي الغاز من الأنبوبة علي الشعب أن يملؤها وهودوركم أنتم المورد الأساس
سيد: ماذا أفعل يابيه.
الرجل مرتفع الصوت: أن تفكر أن تبدع أن تستخلص تجارب الناس بالقراءة. وأن تتصل بالعالم حتي لا تكون فئرا أو جرذا. كان الرجل يسعي أن يثور سيد علي أوضاعة يلفت له النظر في أبواب كثيرة
سيد: وهل الناس فئران يابيه؟
الرجل لا إذا أرتضوا ذلك لا يعرفون حالهم إلا الملذات سيصبح جارهم الفئران والجرذان وهو ما يجلب لهم الفقر والعوذ
كان المتابعون بمحل الكشري يمتعضون من الرجل لا يعجبهم كلامه ولا يملكون الكثير من الشجاعة لمعارضته. كان أحدهم أحدب خرج عن صمته وتحدث للرجل
الأحدب: من أنت مسئول حكومي أبلغهم أين ثرواتنا؟
الرجل: فيكم: وأنتم تضيعون ذلك من خلال إهمال قدراتكم
الأحدب متهجما ومتهكما: كل ثرواتنا تذهب للخارج لذا نذداد فقرا والخارج يزداد ثروات من موادنا الخام
الرجل: وأين أنتم، تعليمكم ، أستغلالكم لهذه الثروات، مصانعكم الخاصة. وجهادك في تحقيق مصالحكم. أنتم من أرتض الفقر والتخلف وهناك مسمي يريحكم أنكم من دول العالم الثالث. إستمر الجدل والحوار في هذا المحل. بينما خرج صاحب المحل. صارخا سوف تغلقون المحل بالكلام في السياسة، وسوف تجعلوني مسجونا. أنفض الناس من حول الرجل. بينما الرجل يضع يده في عملة ورقية قدرها مئتي جنيه يضعها في جب ملابس سيد. وقال له أبدأ حياتك، غير مفهومك عن نفسك
عن سكنك، عن عمرك، عن الناس، جاهد قبل المشيب وقبل يد هذه الأباء التي تعبت حاربت في الحرب علي الجبهة، وعندما عادت حاربت الفقر بملحمة غير منقطعة النظير. ثور علي نفسك ولا تثور علي الحكومة ولا تشغل نفسك بها.لأن هذا غير مسموح في بلاد العالم النموذج التقليدي لحرية الرأي. فالثورت ممنوعة بمنتهي الحزم في اليابان. بينما العمل علي مدار الساعة. انصرف الرجل وترك سيدا يهز رأسه من هذه الرياح المرسلة من أفكار الرجل ليغير حياتة
كان سيد قد بدأ بالفعل في الاستيعاب أخذ المئتي جنيه وقرر أن يبدأ التعلم من خلال إنشاء مشروعه الخاص، واستكمال تعليمه لينير بصيرته وبصيرة أمه من خلال إجبار نفسه علي القراءة والاطلاع. حطم سيد هذه الشنطة البلاستيك بينمما هو يفعل ذلك مر عليه طابور من الشباب يحملون نفس الشنطة، وهذا الهاتف ويدخنون هذه السجائر. ضحك سيد من أعماق فؤاده. وهو ينشئ أول شركة لتدوير المخلفات في حيهم الذي جعله سيد نظيفا ووفر فرص عمل. وقال لا حياة بعد اليوم مع الحافظة البلاستيك ليري الشعب قدره عند نفسه وليس قدره عند حكومته.

شاهد أيضاً

رواية رائحة العندليب حوار أدبي || مع الروائي السعودي عبدالعزيز آل زايد

رواية رائحة العندليب حوار أدبي || مع الروائي السعودي عبدالعزيز آل زايد حوار: د.هناء الصاحب …