أخبار عاجلة

تغريدة الشعر العربي

تغريدة الشعر العربي
السعيد عبد العاطي مبارك الفايد – مصر
******************
« عواطف ودموع ٠٠ !! »
الشاعر و المصلح الاجتماعي ووزير الدفاع الوطني اللبناني / رشيد يوسف بيضون ” ١٨٨٩ – ١٩٧١ م ”
خاطف أطفال بيروت ليلقن أهاليهم درسا ٠٠ !!

” عقَلَ الـمصابُ قريحتي ولساني

وأذاب صَرْفُ الحادثاتِ جَناني

والبينُ ساورني فهدَّ عزائمي

وأفاضَ دمعي كالحيا الهتَّانِ

لِمَ لا أذوب تلهُّفًا وتحسُّرًا

ويفيضُ دمعُ العين كالغدران؟

ولقد فقدتُ أبًا غُذيتُ بحبِّه

وبعطفه وحنانه ربَّاني

ملأ الفؤادَ عواطفًا ومحبَّةً

وسبى النفوسَ برقَّةٍ وحنان

قد كان لي جبلاً ألوذُ بظلِّه

ودريئةً لطوارئِ الحدثان ” ٠
” من قصيدة : قد كان بنّاءً”

٠٠٠٠٠٠
هذا الشاعر الإنسان و الاجتماعي و الوزير لفت نظري عندما لم يرزق بأولاد و كان يخطف أطفال الشوارع المشردين كي يعلمهم في مدرسته التي أنشأها لتربية هؤلاء – المدرسة و الكلية العاملية – حتى يعودوا أسوياء و يتكفل بهم في كل شيء على نفقته الخاصة و يرسلهم في بعثات الى أوروبا لينالوا أعلى التعليم فله بصمات مازال صداها يغمر الشام ٠
و من ثم أعجبت بسيرته الرائعة وعطائه النبيل ٠٠

فعندما نتكلم عن لبنان و بيروت ذات الأرز الأخضر نتذكر كل الفنون الجميلة التي منحتها هذه الطبيعة الفيحاء الساحرة ٠
و الشعر و الحب و الجمال ٠٠ نعم إنها بيئة ملهمة للإنسان بلا شك أو أدنى جدال ، و عن الشعراء و لا سيما شعراء المهجر و بصماتهم في الأدب، أضف إلى الطباعة و الصحافة و حرية الإعلام و أروقة السياسة ٠٠٠ هكذا نعرف لبنان ٠
و عن عائلة ( بيضون ) في الشام و التي شكلت فكر ووجدان و ذاكرة مرحلة فارقة من خلال العطاء و الإنتاج الفني المتباين ٠٠

* نشأته:
======
وُلد رشيد يوسف بيضون في عام ١٨٨٩ م
في حي بيضون من ضواحي الشام، والبعض يذهب إلى أنه ولد في بيروت من أسرة بيضون العريقة بتاريخها وعلمائها التي قدمت من الشام.
انتقلت عائلته إلى بيروت فانتقل معها وعاش في لبنان.
تلقى علومه الأولى في المدارس والكتاتيب العثمانية، ثم في مدرسة الشيخ أحمد عباس الأزهري، وفي المدرسة الأميركية في صيدا.

مارس الأعمال التجارية مع والده الحاج يوسف بيضون أحد كبار التجار في لبنان.

التحق بمهنة التدريس لسنوات قليلة.

سافر عام 1938 ميلادي إلى أفريقيا ذهب لجمع التبرعات للعاملية، فوُفِق في مهمته.

وتوفي في بيروت ١٩٧١ م .
عاش في سورية ولبنان وزار عددًا من دول إفريقيا.
تلقى مراحله التعليمية على تنوعها في المدارس اللبنانية، وحصل على الشهادات العلمية التي أهلته لتولي المناصب والمسؤوليات التي أوكلت إليه.
أنشأ مدرسة في بيروت عام 1923 أسماها الكلية العاملية، وغايتها تعليم شباب جبل عامل (في الجنوب اللبناني)، والعمل على رفع مستواهم الثقافي والاجتماعي، كما أنشأ المعهد المهني العاملي على طريق مطار بيروت عام 1964، واستورد له الآلات الحديثة من ألمانيا الغربية آنذاك، واستقدم له المدربين من الفنيين الأكفاء.
انتخب نائبًا في المجلس النيابي اللبناني، كما عين وزيرًا للدفاع.
أسهم بماله وجهده في مختلف النشاطات الاجتماعية ذات الصبغة التربوية والتعليمية، فقد أنشأ المدارس والمعاهد الفنية للذكور والإناث، وقدم المساعدة للفقراء والمحتاجين من أبناء منطقة جبل عامل، وزار عددًا من الدول الإفريقية ليجمع التبرعات من أبناء لبنان بها لينهض بمشروعاته الخدمية.

الإنتاج الشعري:
– أورد له كتاب «عواطف ودموع» بعض قصائده ومقطوعاته الشعرية.
ما أتيح من شعره – وهو قليل – يدور حول الرثاء الذي اختص به والده مذكرًا بمآثره، وأفضاله عليه، ومعبرًا عن عظيم مصابه وتحرّق قلبه، وكتب في الإخوانيات وهو شاعر مقلّ، اتسمت لغته بالجهارة مع ميلها إلى المباشرة، وخياله محدود، التزم الوزن والقافية ٠

* مع قصة خطفه للأطفال :
—————–
و نسوق لكم قصة خطف رشيد بيضون للأطفال ‘ فقد كتبت الكاتبة الصديقة حنان العوا :
خاطف الأطفال من شوارع بيروت .
هل تعرف من هو اكبر خاطف للاطفال بالعالم من شوارع بيروت عام ١٩٣٧ .
ذات يوم فقد كل الأطفال من ساحة الشهداء و ساحة البرج و جانب الريفولي و شارع المصارف و درج خان البيض و محيط سينما الروكسي و الامبير و الاوبرا .
و تم اختطاف كل الاطفال من بائعي العلكة و اليانصيب و ماسحي الأحذية و بائعي الورد و اكياس الورق من الحفاة و الشحادين و المتسولين الفقراء .
فدب الذعر و الهلع في نفوس اهاليهم . و بدأت الاتصالات و التبليغات عن فقدانهم تتوالى . و اذا بخاطف الأطفال هو وزير الدفاع الوطني آنذاك رشيد بيضون . اخذ حوالي ٤٠٠ طفلا . اشترى لهم الثياب و الاحذية و كل مايلزمهم .
و وضعهم في المدرسة العاملية الابتدائية في رأس النبع التي اسسها لاستقبالهم و تعليمهم على نفقته الخاصة . و اتصل باهاليهم و قال لهم : انا اتكفل بتعليمهم جميعا و ادفع لهم مصاريف عيشهم من اكل و ملبس و صحة . و كل يوم سبت سادفع مساعدات للاهل تعادل ما كانوا يجنونه من عملهم .
و بعد مدة تخرج غالبيتهم من المدرسة العاملية بشهادة البكالوريا . و ارسل القسم الاكبر منهم إلى ألمانيا و فرنسا و اوربا لمتابعة دراساتهم الجامعية .
و اسس أول صرح علمي في بيروت يضم كل الطوائف .
و كان خاطف الأطفال هذا الذي لم يرزق اطفالاً قد حقق اول إنجاز تربوي في لبنان علماني غير طائفي .
ما لا تعرفه عن رشيد يوسف بيضون الوزير و النائب و المثقف . انه هو خاطف الاطفال و مؤسس الجمعية الخيرية العاملية في لبنان .
رحمة الله عليه ٠

مختارات من شعره :
=============
يقول رشيد بيضون في قصيدته تحت عنوان (قد كان بنّاءً ) :
عقَلَ الـمصابُ قريحتي ولساني

وأذاب صَرْفُ الحادثاتِ جَناني

والبينُ ساورني فهدَّ عزائمي

وأفاضَ دمعي كالحيا الهتَّانِ

لِمَ لا أذوب تلهُّفًا وتحسُّرًا

ويفيضُ دمعُ العين كالغدران؟

ولقد فقدتُ أبًا غُذيتُ بحبِّه

وبعطفه وحنانه ربَّاني

ملأ الفؤادَ عواطفًا ومحبَّةً

وسبى النفوسَ برقَّةٍ وحنان

قد كان لي جبلاً ألوذُ بظلِّه

ودريئةً لطوارئِ الحدثان

قد كان جوهرةً يعزُّ نظيرُها

تُزري بأنفَسِ لؤلؤٍ وجُمان

قد كان كشّافًا لكل مُلمَّةٍ

ومفرِّجًا للغمِّ والأشجان

قد كان بنّاءً قديرًا كم بنى

صرحًا رفيعًا شامخَ البنيان!

ورضاه كان لنا أجلَّ ذخيرةٍ

نحيا بها في راحةٍ وأمان

واليومَ قد حُمَّ القضاءُ فزُلزلتْ

أركانُ طودٍ ثابتِ الأركان

فهوى إلى جوفِ اللُّحود مدكدكًا

لله ما فعلت يدُ الحدثان

نبكيه دمعًا كالعِهاد لقد همى

وجرى دمًا بمقرَّح الأجفان

فالموتُ حكمٌ شاملٌ كلَّ الورى

أبدَ الدهورِ لمنتهى الدوران

نفذ القضا يا إخوتي فلننهجَنْ

نهجًا لوالدنا الجليلِ الشان

ولننسجنْ أبدًا على منوالهِ

فنحوزَ كلَّ رغائبٍ وأماني

ولنتَّحدْ فنكونَ شخصًا واحدًا

متفانيًا في خدمةِ الأوطان

إنّا بذلك نحفظُ البيتَ الذي

أنشاه والدنا على الإيمان

شكرًا لكم يا سادتي بعواطفٍ

أضحت عزاءَ القلبِ في الأحزان

شكرَ الإلهُ مساعيًا لكُمُ ولا

زلتمْ أولي المعروفِ والإحسان ٠
—–

و بعض هذا العرض الموجز فقد تأثرت بسيرة هذا الإنسان فهو علم من أعلام العصر الحديث في كافة المجالات رحم الله رشيد بيضون الذي كرس كل حياته لخدمة أهله ووطنه فلم يبخل عليه بأي جهود فكان في الصفوف الأولى دائما ٠
مع الوعد بلقاء متجدد لتغريدة الشعر العربي أن شاء الله ٠

شاهد أيضاً

رواية رائحة العندليب حوار أدبي || مع الروائي السعودي عبدالعزيز آل زايد

رواية رائحة العندليب حوار أدبي || مع الروائي السعودي عبدالعزيز آل زايد حوار: د.هناء الصاحب …