أخبار عاجلة

بحر الفناء

بحر الفناء
بقلم الأستاذة : سمية شرحبيل

تأملت عباب البحر
فألفيته
على غير عادة
أمواجه تسير
بلا هوادة
تنسلخ من ألوانها
السماوية الزاهية
لتتسربل بأردية
مدرجة
بكتل حمراء قانية
تصطبغ بالسواد
تتدثر بأعبئة الحداد
كلما زادت
عتمة الأيام
و درك الأعوام
و كدر الأنام
و أدركت الروح
غبرة السنون
و لفحة المنون

تصدر همهمات
من أنين مكتوم
و هجيع مكلوم
تروي حكايات
القهر و الجور
ترثي
صبيانا شيبا
و شبابا
عاشوا حضيض
العمر
سلكوا دروب القهر
حتى إذا
أرخيت سدول
الدهر
ابتغوا العبور
فكان لهم المقام
في غيابات اليم
أو على شطآن الخذلان
و ناصية الثبور …

تتكسر المويجات
على الضفة في ذهول
تتهادى في ذبول
تترنح في إذلال
كأنها عائدة من قتال
تصطحب معها
لفائف من حبال
و حزمة من رجال …

قهرهم العيش الكؤود
و أضناهم شظف الحياة
و أرهقهم كذب الوعود
الزائفة
الواهنة الواهية
و طول انتظار …

لم يكن لأي منهم
من خيار
سوى العبور
إلى مكامن الحياة
بعيدا هناك …
إذ تحقق الأمنيات
و تزهو الآمال
و تندثر الآلام
و يرفل الأنام
في ريش النعام
و تسكن الأرواح
في مهجع السلام
هناك …
حيث تتجلى
مظاهر الإبهار
و تتعبد الحواجز
و الأسوار
و تتلألأ الأنوار

أنوار التوق و الشوق
و يتسع أفق الإلهام
و لا توأد الأحلام

إلا في بحر الفناء

إذ تغيب كل المرافئ
و يخبو وقود المسير
فلا اشتعال
و لا اتصال
و لا وصال و لا اكتمال

تضيق مساحة الأمان
بين جموع السالكين
لشط الآمال
يتخلل آفاق الانبلاج
عتمات سود
كالليل البهيم
فلا تسمع سوى
مقطوعات من هميم
و أنين
و حنين
و ألم مكلوم
موسوم بالخيبة
و الفشل الذريع

تتحول الهمهمات
إلى صرخات
و آهات
و أنات
و وهن مريع

يعود شعور الغبن
ليكتسح ثنايا الصميم
و يطوف الوجدان
أرجاء اليم الرحبة
في مشهد أليم
يعبر إلى ضفة الرجاء
فينكفئ محملا
بالأعباء و الغثاء
مكللا بالهزيمة النكراء
يحاول الإياب
إلى نقطة الانطلاق
فلا مجال للرجوع
و لا أمل في الإنعتاق
يعود مكبلا
بحبال الأنين و الحنين
و التسليم
فلا مجال
للترميم و لا للبناء

تتحطم بداخله
كل المعالم
و تتجرد الأماني
المعلقة
بأزاهير النعيم
من روح الرجاء
الا من ..
نحيب مقيم
و حزن كظيم
و ملمح ذميم

تلوح في الافق
أطياف الوبال
تصير الأرواح الظمآى
مقيدة بالحبال
إذ يغدو العود محال
و الكر أهوال
و لا سبيل إلا الإرتداد
من حيث لا مآب …
أشياءا و أشلاءا
و أكواما
من رميم هشيم
مصفدة
بشظايا أغلال
و بقايا أسمال
و أحلاما محترقة
طالها اشتعال …

شاهد أيضاً

“جوه روحى”

“جوه روحى” بقلم/ سماح عبدالغنى جوه روحى ألف روح روح تروح ويا الحبايب اللى فاتو …