أخبار عاجلة

القلق النفسي.

القلق النفسي.

بقلم الدكتورة شيماء صبحي

ان القلق مصاحب للإنسان في كل مراحل حياته، فهو دائما يقلق بشأن بعض الامور التي يريدها او بشان الاشخاص الذي يحبهم وهذا النوع من القلق هو قلق طبيعي حيث انه يكون نابع عن سبب معين ولأسباب حقيقية تستدعي القلق، ولكن القلق الذي يمكن ان يقال عليه القلق النفسي هو الذي يشعر به الشخص بطريقة دائمة وأصبحت ملازمة له في كل أموره الحياتية
وتحدث دون سبب حقيقي او مقنع لدرجة اعاقة مجرى حياته الطبيعية وتأثيرها عليها بالسلب حيث تسبب له حالة القلق النفسي تعكير لصفو الحياة.
فكل ما زاد عن حده انقلب ضده وهذا هو الحال بالنسبة للقلق، فهناك حتما فرق كبير بين القلق الطبيعي والقلق النفسي، فالقلق النفسي هو اضطراب ناتج عن تحول القلق الطبيعي بطريقة تدريجية الى حدوث مراحل متطورة من القلق الذي يجعل الإنسان في حالة رعب وخوف شديدين وحالة من الاهتزاز بدون فائدة، وفي هذه الحالة نكون بصدد وجود حالة القلق النفسي.
أنواع القلق النفسي:
تتدرج الاصابة بحالة القلق النفسي وتشتمل على عدة أنواع وهي:
حالة اجروفوبيا:
وهو حالة القلق التي تصيب الانسان من التواجد في الأماكن العامة والميادين.
القلق النفسي بسبب وجود حالة طبية:
هو نوع القلق النفسي الذي يصيب الانسان نتيجة الاصابة بحالة طبية او تعب صحي معين.
القلق النفسي المتعمم:
وهو القلق الذي يصيب الإنسان نتيجة القيام بأداء نشاط معين أو الانخراط في أي أحداث حتى وان كانت روتينية.
اضطراب الهلع:
نوبات الهلع هي حالة القلق الشديدة التي تصيب الشخص وتصل الى اعلى المستويات خلال دقائق قليلة، وفي هذه الحالة من القلق النفسي يشعر المريض بتسارع في النفس وضيق فيه بالإضافة الى حدوث الام في الصدر ويتنوع هذا النوع الى حالات اخرى مثل:
قلق الانفصال:
وهو الاضطراب الذي يصيب الأطفال بسبب الخوف والقلق بشأن الانفصال عن الوالدين.
الصمت الاختياري:
حدوث الفشل في إلقاء الكلام عند الأطفال خلال وضعهم بمواقف معينة مثل التواجد في المدرسة وطلب المعلمين منهم الكلام.
الرهاب الاجتماعي:
وهو القلق بشأن الدخول في الأحداث الاجتماعية ودوام الشعور بقلة الثقة في النفس والخوف من التموضع في مواقف تتطلب منه رد فعل شخصي.
أعراض القلق النفسي:
اعراض القلق النفسي ليست متشابهة فهي تختلف من حالة لاخرى من حيث شدة الاعراض ومن حيث نوعية هذه الاعراض وتشمل أعراض القلق النفسي ما يأتي:
الاحساس بغصة في الحلق.
عدم وجود التركيز وفقدانه.
التوتر الدائم والعصبية.
الصداع الشديد والمستمر.
الارتباك.
الشعور بالتوتر في العضلات.
الهياج وعدم وجود الصبر.
التعب.
وجود آلام شديدة في البطن.
حدوث الاسهالات.
كثرة التعرق.
ضيق في التنفس.
صعوبة في النوم سواء من حيث الارق او كثرة النوم.
والاصابة بحالة القلق النفسي لا تعمل على القضاء على الشخص تماما، ولكنها تعمل على ترك الشعور لديه بوجود الخوف والقلق بدرجة معينة، فيشعر المريض بعدم استقرار وتواجد حالة من التوتر لديه بصورة كبيرة وقلقه الشديد حيال جميع مجالات حياته فتظهر حالة القلق النفسي في صورة التوتر والقلق بشأن أمنه الشخصي وأمن من يحبهم، ايضا يصيبه في شكل تولد شعور لديه بأن شيئا ما سيحل به او بمن بقربه ليس جيدا.
وينبع ذلك الشعور من تلقاء نفسه وليس مبنيا على وجود أسباب حقيقية تبرر حدوث هذا القلق الشديد، وعادة ما تبدأ حدوث حالة القلق النفسي خلال سن مبكر بصورة نسبية، وتبدأ أعراض القلق المتعمم بالخصوص في التطور بشكل بطيء بالمقارنة بأنواع اضطراب القلق النفسي الاخرى، والكثير من الاشخاص المصابين بحالة القلق المتعمم ليس عندهم القدرة على تذكر اخر مرة شعروا فيها بالسكينة والهدوء والاستقرار في حياتهم.
عوامل وأسباب القلق النفسي:
هناك عدة أمراض نفسية يصعب معها تحديد العوامل التي تسببت في حدوثها ومن ضمن هذه الأمراض النفسية القلق النفسي حيث ان العلماء المتخصصين في المجال النفسي وجدوا صعوبة في تفسير عوامل حدوث حالة القلق النفسي، إلا أن الباحثين يعتقدون أن هناك مواد كيميائية موجودة في الدماغ لها الأثر في حدوث هذه الحالة وتدعى الناقلات العصبية مثل النورأدرينالين والنورابينفرين والسيروتونين فهذه الناقلات عليها عامل كبير في وجود حالة القلق النفسي، وتشمل التسبب في حدوث أنواع القلق التالية مثل:
اضطراب القلق المتعمم، اضطراب الرهاب، اضطراب الهلع، اضطراب التوتر، الاصابة بأمراض القلب والسكري او بعض الحالات الصحية الاخرى التي تتسبب في حدوث القلق النفسي، وتفيد الإحصائيات بأن عدد النساء المصابين بحالة القلق المتعمم اعلى بكثير من عدد الرجال الذين أصيبوا بهذا الاضطراب.
عوامل وجود خطر القلق النفسي:
توجد بعض العوامل التي تجعل من الاصابة باضطراب القلق النفسي في زيادة وتشمل:
١- حدوث مرض:
فالأشخاص التي تمت اصابتهم بأمراض وحالات صحية خطيرة مثل السرطان، فان الاصابة بهذا المرض يجعلهم عرضة للإصابة باضطراب القلق النفسي حيث يتولد لديهم الشعور بالخوف من مسالة تكاليف العلاج ومدى قدرتهم المادية على كفايتها وما يحققه هذا العلاج من نجاح او فشل لحالته فان كل تلك الأمور تشكل عبئا كبيرا على نفسية المريض بالتالي يصاب حينها باضطراب القلق النفسي.
٢-الطفولة القاسية:
هناك من الاشخاص من تعرضوا خلال مرحلة طفولتهم إلى صعوبات وضائقات مثل تعرضهم لمشاهدة أحداث صادمة ومرعبة بالنسبة للأطفال، فان هؤلاء هم أكثر الناس عرضة لوجود حالة القلق النفسي.
٣- الشخصية:
هناك اشخاص تتميز شخصياتهم بعدة مميزات تجعلهم عرضة للإصابة بهذا الاضطراب، مثل الاشخاص الذين يحتاجون الى امور نفسية معينة، كالأشخاص الذين يمتلكون علاقة عاطفية ليست مستقرة الامر الذي يجعلهم يشعرون بعدم الامان وبالتالي يكونون عرضة كبيرة للإصابة بالقلق، وبناء على ذلك فإن الأشخاص المصابين بالاضطرابات الحدية يكونون عرضة كبيرة لاضطراب القلق
٤- التوترات النفسية:
احيانا تراكم التوترات النفسية على ذهن الانسان بسبب ضغوط الحياة ومسيرتها والأحداث التي تقع بها قد تولد شعورا لدى الإنسان بالقلق، فمثلا عندما يصاب الإنسان بمرض معين يستلزم معه التأخر عن العمل الأمر الذي يعرضه لعدم الحصول على الأجر والدخول في أزمات اقتصادية، وبالتالي يكون عرضة كبيرة للإصابة بالقلق.
٥- العامل الوراثي:
أكدت الأبحاث العلمية أن الإصابة بتوتر القلق النفسي ينتقل بفعل العامل الوراثي من جيل الى جيل آخر.
مضاعفات القلق النفسي:
اصابة الشخص باضطراب القلق لا يتطرق خطرها الا الاصابة به فقط وانما الى الأمراض الناجمة عنه أو التصرفات المتبعة بسببه ومن بين هذه الآثار الذي يسببها اضطراب القلق هي:
اللجوء الى ادمان المخدرات، الصداع المتكرر والشديد، الاحساس بالاكتئاب والأرق في النوم، حدوث اضطرابات معدية وهضمية مؤرقة، حدوث صفير الأسنان لا سيما عند الدخول في النوم.
تشخيص القلق النفسي:
يجب لكي يتم تشخيص هذا الاضطراب أن يتم من قبل أطباء متخصصين في مجال الصحة النفسية لكي يتم التشخيص السليم للحالة، وفي هذا الاطار عندما يتوجه المريض الى الطبيب المعالج فإن الطبيب يلقي عليه الاسئلة الخاصة بماهية البواعث التي تولد الشعور بالقلق لدى المريض وماهية الأشياء التي تجعله في خوف وقلق مستمر وعدم الاستمتاع بالراحة والاسترخاء و التنعم بحياة هادئة، كما يسال الطبيب عن وجود سلوك قهري لدى الشخص من عدمه لكي يتأكد من عدم معاناة المريض من الوسواس القهري، ويتم ايضا في هذا الإطار طلب الطبيب من المريض القيام بتعبئة استبيان نفسي.
بالإضافة الى الخضوع الى الفحص الكامل لكي يتم التأكد من عدم وجود حالات طبية قد يكون السبب منها في حدوث القلق والخوف لدى المريض، وحتى يتم تشخيص اضطراب القلق تشخيصا سليما يجب أن يتطابق مع المعايير المدرجة في ما نشرته الجمعية الامريكية للطب النفسي بعنوان “الدليل الإحصائي التشخيصي للاضطرابات النفسي”، ولكي يتم ذلك نسرد من خلال السطور التالية المعايير التي يجب توافق الحالة معها:
وجود صعوبة بالغة في التصدي لحالة الخوف والقلق من قبل المريض.
استمرار الشعور باضطراب الخوف والقلق لمدة لا تقل عن ستة اشهر على اقل تقدير وبصفة دائمة حتى نقول ان هذا المريض يعاني من اضطراب القلق النفسي.
إحساس المريض بحالة ضيق شديد في مجريات اموره الحياتية بسبب وجود حالة القلق المستمر.
أن يكون الإحساس بالقلق ليس ناجما عن وجود حالات أخرى مثل تعاطي مواد مخدرة أو غير ذلك.
ان يصاحب الإحساس بالقلق عدة اشياء اخرى مثل وجود عدم التركيز لدى المريض ووجود انقباضات وانبساطات في العضلات والتوتر الزائد والعصبية واضطرابات في النوم.
علاج القلق النفسي:
ولكي يتم علاج هذا الاضطراب يجب أن يتم من خلال العلاج المركب بين العلاج الدوائي والعلاج النفسي ولا فرق بين ان يتم كل منهم بمفرده او بالتزامن معا الا اذا استدعت حالة المريض اتباع نظام معين وفقا لوجهة نظره في متابعة حالة المريض الخاضع للعلاج، وقد يحتاج المريض إلى إجراء تجربة لمدة معينة من اجل تحديد العلاج الأكثر ملائمة لحالة المريض حسبما يرى لكي يصل المريض الى الاستمتاع بالراحة والشعور بالطمأنينة والتعافي من اضطراب القلق، ويتم العلاج على الطريقة التالية:
١- العلاج الدوائي لاضطراب القلق:
من خلال مجموعة من الادوية يتم علاج اضطراب القلق والخوف وهذه الادوية تتنوع بين الادوية المضادة للقلق وهي البنزوديازيبينات التي تعمل على تخفيف الشعور بالقلق في ظرف ساعة او نص من تناولها، ومن خلال الادوية المضادة للاكتئاب التي تؤثر بشكل فعال على عمل النواقل العصبية التي لها دور كبير في وجود اضطراب القلق وهذه الادوية مثل الفلوكستين والبروزاك المستخدمين على نطاق واسع في علاج هذه الحالات.
٢- العلاج النفسي لاضطراب القلق:
يحتاج المريض المصاب بحالة اضطراب القلق النفسي الى صبر كبير ومن خلال العلاج النفسي لحالته المتزامنة مع العلاج الدوائي ومن خلال الدعم الاسري و الأصدقاء والمحيطين به من خلال تحمل نوبات توتره وغضبه والقاء الكلمات الرقيقة عليه والتعامل معه بكل لطف ومن خلال الطبيب فانه يتم التحدث معه والاصغاء اليه حتى يساعده في تجاوز المشكلات والدوافع النفسية والأفكار الكامنة في ذهنه والتي تسبب له الشعور بالقلق الدائم.
أهم النصائح للتغلب على القلق النفسي:
ضرورة الاهتمام بممارسة الشعائر الدينية التي تحقق صفاء الذهن.
الابتعاد عن الأشخاص السبية والمحبطين والمتشائمين.
توقف التفكير في الماضي وصب الاهتمام على التفكير في الحاضر والمستقبل وكيفية جعله مزدهرا.
الاهتمام بممارسة تمارين الاسترخاء النفسية والاختلاء بالنفس خلال أي وقت من اليوم للوصول الى حالة الصفاء الذهني.

شاهد أيضاً

بعيدا عن مساحيق التجميل

بعيدا عن مساحيق التجميل بقلمي الكاتبة زينب مدكور عبد العزيز المرأة تتمتع بجمال عميق يتجاوز …