جريدة الوطن الاكبر الوطن الاكبر ::: نبض واحد من المحيط الى الخليج .. اخبارية — سياسية – اقتصادية – ثقافية – شاملة… نبض واحد من المحيط الى الخليج
#الخاطرة #الثانية_و_العشرون #الامتنان
هو الطريق الهادئ لنسخةٍ أفضل من أنفسنا
بقلم / #نسرين_شحاده
نستعدّ جميعًا هذه الأيام لاستقبال عامٍ جديد، ومع كل بداية جديدة نحتاج إلى التفاؤل ونظرةٍ ممتلئة بالأمل لما هو آتٍ بإذن الله.
وأكثر ما يعزّز فينا الأمل والتفاؤل، ويجعلنا نرى الأشياء بصورةٍ أكثر إيجابية، هو ممارسة الامتنان باستمرار.
شعور الامتنان شعورٌ عظيم، وعندما نتعلّم كيف نمارسه بشكلٍ صحيح، يساعدنا ذلك على رؤية أبسط التفاصيل في حياتنا بصورةٍ أفضل؛ فنمتنّ لأنفسنا عليها، ونمتنّ للخالق، وللآخرين على أفعالهم الإيجابية مهما بدت بسيطة.
ممارسة الشكر والامتنان من أفضل الممارسات اليومية؛ فأن تقول «شكرًا» أو «تعبتك معي» كلمات بسيطة، لكنها جميلة، وتعزّز علاقتك بمن حولك.
وعندما تمارس الامتنان مع نفسك، تتحسّن علاقتك بذاتك بشكلٍ كبير جدًا.
والمقصود بالامتنان هنا ليس فقط النظر إلى نصف الكوب الممتلئ، بل إدراك كل ما هو موجود بالفعل من حولنا، والنظر إلى الأشياء التي نعيشها اليوم هنا والآن، والتي كنّا نحلم بها يومًا ما ونتمنى تحقيقها.
كم من نعمة نمتلكها اليوم ولا نشعر بقيمتها الحقيقية؟
منذ لحظة الاستيقاظ، وفتح أعيننا، والتنفس بسهولة، وقدرتنا على السمع والتواصل والكلام والشعور… نعمٌ كثيرة اعتدنا وجودها حتى غابت عن وعينا.
عندما نمرّ بعثرات في حياتنا، كالمرض أو الفقد أو الأزمات الكبيرة، ندرك حينها قيمة النعم.
لكن الشخص الممتن لا يحتاج إلى الأزمات ليعي قيمة ما يملك؛ فهو في حالة إدراكٍ مستمر، يوقظ نفسه دائمًا ويذكّرها بكل ما يستحق الشكر والامتنان في حياته، داخليًا وخارجيًا.
كل محاولاتنا، واجتهادنا، وقيمنا التي نؤمن بها، وكل سعيٍ للتغيير وتطوير الذات، تحتاج منّا إلى امتنانٍ دائم.
فكلما نظرنا إلى النعم من حولنا وامتنا لها، فإننا — دون أن نشعر — نحافظ عليها ونعمل علي تنميتها.
فنحن بطبيعتنا نحافظ على ما نراه ثمينًا، ونمنحه الاهتمام والرعاية، فتزداد قيمته مع الوقت.
أما ما نراه متهالكًا أو بلا قيمة، فلا نهتم به حتى لو ازداد تهالكه.
وهذا تمامًا ما يفعله الامتنان داخلنا؛ فعندما نمتنّ لأنفسنا على أبسط السلوكيات الإيجابية، نعمل على تنميتها وتطويرها، ويزداد شعورنا بقيمتنا وبقيمة ما نملك من نعم لم نعد نراها لأننا اعتدنا وجودها.
وعينا بأنفسنا وإدراكنا لقيمتنا يساعدنا على التقدّم خطوةً بخطوة، ونحن مطمئنون أن ما نملكه ذو قيمة عالية.
ومن أكثر ما يحمينا من الأشخاص المتلاعبين أو المؤذين أو النرجسيين اللذين نقابلهم في حياتنا هو معرفتنا الحقيقية بقيمة أنفسنا؛ حينها ندرك أن وجودنا في حياة الآخرين مكسب لهم، وأن خسارتنا ليست خسارتنا نحن وحدنا بل هم أيضاً يخسرون وجودنا في حياتهم.
الامتنان يجعلنا نشعر بأن قيمتنا في حياة الآخرين لها معنى، ويعلّمنا أن نُعلي من قدر أنفسنا عندما نمتنّ لها على كل ما نبذله ، صغيرًا كان أو كبيرًا.
ومن أبسط طرق ممارسة الامتنان أن نسأل أنفسنا في نهاية اليوم:
ما الشيء الذي أمتنّ لنفسي عليه اليوم؟
قد يكون:
• انتظمتُ في صلاتي اليوم.
• قمتُ بدوري كأم وأمتنّ لنفسي لذلك.
• أديتُ دوري كزوجة بما يرضيني.
• كنتُ مسؤولة في عملي أو مجتمعي.
• قمتُ بفعلٍ إيجابي.
• امتنعتُ عن تصرّفٍ سلبي كنتُ على وشك القيام به.
كل هذه صور حقيقية لممارسة الامتنان.
كما أن الامتنان يشمل شكر الخالق، ورؤية النعم من حولنا، والقدرة على تقدير الأفعال الإيجابية التي تُقدَّم لنا وشكر أصحابها.
حتى في وسط أزمات الحياة، الامتنان للأشياء البسيطة يغيّر نظرتنا، ويقرّبنا من أنفسنا، ويمنحنا القدرة على الوصول إلى المعنى العميق خلف ما نمرّ به.
فالمفتاح الحقيقي للتعافي هو إدراك المعنى؛ إذ يتعافى الإنسان عندما يتعلّم كيف يتجاوز مشاعره السلبية ويفهم الحكمة مما يحدث.
والامتنان يعلّمنا الاتصال بالمعنى، وإدراك سبب وجودنا، وأهمية ما نملكه، وكيف نستثمره، فنزدهر كأشخاص.
الامتنان لا يقتصر على تجاوز المراحل الصعبة، بل يجعلنا نرى حياتنا أفضل كل يوم، ويقلّل من أثر الأيام الصعبة عندما نعتاد ممارسته.
فالعقل يميل إلى تضخيم الألم، والذاكرة تحتفظ بالذكريات المؤلمة أكثر من المبهجة، لكن الامتنان يعيد التوازن، ويساعدنا على الاحتفاظ بالذكريات الإيجابية التي تمدّنا بالطاقة للاستمرار.
وكلما تعلّمنا ممارسة الامتنان في يومنا، اقتربنا أكثر من نسخةٍ أفضل من أنفسنا… بالتدريج، وبإذن الله.
🌸🌸دمتم أصحاء🩷🩷
ونتقابل قريبا في خاطره جديده ان شاءالله
كتبت / نسرين شحاده
