افرازات غزاوية
خالد السلامي
مما لا شك فيه ان ما حدث يوم السابع من تشرين الاول ٢٠٢٣ من طوفان في غزة وسُمي بطوفان الاقصى قد افرز العديد من النتائج الايجابية والسلبية بغض النظر عن من يقف وراءه وماهي غاياته ومن المستفيد او المتضرر منه ، ومن أبرز تلك النتائج الايجابية اعادة القضية الفلسطينية الى واجهة الأحداث بعد ان كاد المطبوعون ان يقضوا عليها ويركنوها على رفوف النسيان بالإضافة الى إسقاط أسطورة الجيش الذي لا يقهر والذي كانت تروج له الصهيونية وحلفاؤها واتباعها وعملاؤها من الحكام وغير الحكام حيث تمكن مقاتلو حماس من اختراق كل تحصينات ذلك الجيش المادية والمعنوية والاستخبارية والرقابية وقتل العديد من جنوده وأسر اعدادا من المحتلين لأرض فلسطين عامة وغزة خاصة ومن ثم اجبرت العالم وخصوصا الداعمين للاحتلال البغيض بإعادة حساباتهم والمطالبة بحل الدولتين مما يعني الاعتراف العلني بالحق الفلسطيني المغتصب .
وفي الوقت الذي وحدت فيه عملية طوفان الأقصى الشعب العربي بل وحتى الرأي العام العالمي من اقصاه الى اقصاه بما فيه داخل الدول الداعمة للعدوان تضامنا مع الطوفان واهل غزة كشفت تلك العملية الكبيرة زيف وكذب كل من ادعى نصرته للقضية الفلسطينية واعتبارها قضيته المركزية وفي مقدمتهم الحكام العرب الذين لم يحركوا ساكنا تجاه اهل غزة وهم يبادون امام اعينهم على يد الاحتلال الغاشم ولم نسمع سوى الكلام الخجول من بعضهم وكواقف مشينة بإدانة الحق الفلسطيني ونصرة المعتدي المحتل بل والقتال معه ضد اهل غزة من قبل البعض وصمت مخزٍ من قبل الاخرين كما واثبتت تلك العملية ان صرف المليارات على تسليح الجيوش وحرمان المواطنين من أبسط حقوقهم بحجة الدفاع عن الوطن لا جدوى منه إلا لحماية العروش والكراسي العربية من غضب الشعب العربي الذي تتربع على صدره تلك العروش والكراسي . وفيما يتعلق بمواقف اصدقاء الحكام العرب (وليسوا اصدقاء للعرب) فقد صار واضحا وبشكل جلي لا يقبل الشك ولا حتى النقاش انهم ضد العرب حيث تهافت الغرب كله الذي يدعي الانسانية والدفاع عنها وعن حقوق الإنسان وخصوصا المسؤولون الامريكان الذين أعلنوا من القدس انهم جاءوا كيهود وليسوا كمسؤولين لدعم المحتل والدفاع عنه ضد اهل الأرض خصوصا اللذين يتعرضون لعملية ابادة جماعية وحشية ، وضد العرب عموما وللمطالبة بإطلاق سراح عدة اسرى صهاينة بينما لم يفكر اي منهم بعشرات الألوف من المعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال ومنذ عشرات السنين ، حيث امتلأت البحار المحيطة بالعرب بالبوارج وحاملات الطائرات بل ودخلت الجيوش للقتال مع العدو الغاصب ضد الشعب المظلوم والمُغتصَبةُ أرضه ومن المفارقات ان تجد زعماء يخرجون من مؤتمرات القمم بسبب التعرض للمقاومة من قبل البعض من الرؤساء بينما هم أنفسهم يتوسطون بين المقاومة والاحتلال للإفراج عن المحتجزين في الوقت الذي يتواجد عندهم في عواصمهم قادة تلك المقاومة جنبا الى جنب مع وفود أعداء المقاومة وشعبها بل ويتبادلون الزيارات بين عاصمة المحتل الغاصب المستمر بقتل اهل غزة والضفة الغربية بكل وحشية وعواصمهم التي تفتح ذراعيها
لأخذهم بالحضن والترحيب والمودة .
فبعد كل هذه الحقائق التي افزتها صولة طوفان الأقصى اما آن الاوان لإيقاف التجارة بقضية فلسطين بل وبكل قضايا الأمة العربية ؟ فإن لم تنصروها فلا تتاجروا بها وبدماء اهلها .