بقلم: الكاتب الصحفي محمد نصار
في فبراير ومارس عام 1960 حدثت ازمة بين الجمهورية العربية المتحدة ( #مصر و#سوريا اثناء الاتحاد ) و#اسرائيل بسبب دخول عدد من المزارعين الاسرائيلين مناطق تابعة للاراضي السورية بالتحديد منطقة الشاطىء الشرقي لبحيرة طبرية مما ادي بالسوريون بالرد علي هذه الاستفزازات وعرفت هذه الحادثة بغارة التوفيق و كادت ان تؤدي لحرب شاملة علي كلا الجبهتين الجبهه الجنوبية (المصرية ) والجبهه الشمالية ( السورية ) وعلي الرغم من عدم اندلاع حرب شاملة الا ان هذه الازمة اثرت علي محور الاحداث حتي حرب 1967 وقد ادانت الامم المتحدة اسرائيل بسبب هذه الحادثة .
اجتماع سفراء العرب مع وزير الخارجية الامريكي 1960
بعد #حادثة #التوفيق مباشرة طلب سفراء 10 دول عربية مقابلة وزير الخارجية الامريكي وهم سفراء( الجمهورية العربية المتحدة ( مصر وسوريا ) و السعودية ولبنان و الاردن والعراق والسودان وتونس والمغرب و اليمن وليبيا ) واشتكي السفراء العرب لوزير الخارجية الامريكي من قيام وسائل الاعلام الامريكية بالانتقاض الدائم والمستمر والغير مبرر للعالم العربي وتصويرهم امام الراي العام الامريكي انهم المعتدين الاشرار والاسرائيلبين انهم الطيبين الاخيار وبرغم اظهار السفراء العرب ادانة الامم المتحدة لاسرائيل في حادث التوفيق الا انه تم تجاهل هذه الادانة واستمر التشهير بالعالم العربي فقام السفراء العرب وقدموا دعوة لشبكة سي بي اس نيوز الامريكية الشهيرة لتصوير حادث غارة التوفيق لتمكين الجمهور الامريكي من معرفة الحقيقة وبالفعل وافقت شبكة سي بي اس للقيام بذلك ولكن لم يتم عرض اي محتوي مما تم تصويره وبررت ادارة شبكة سي بي اس هذا الاغفال انه خطأ فني .
وللاسف معروف جيدا من المتسبب بهذا الاغفال المتعمد من جانب شبكة سي بي اس وهي جماعات الضغط #الصهيونية والتي افردنا مقالة سابقة للحديث عن هذه الجماعات وتاثيرها علي السياسين من اعضاء الكونجرس ومؤسسة #الرئاسة #الامريكية .
ولم تتوقف ضغوط جماعات الضغط الصهيونية في امريكا علي السياسيين والرؤساء الامريكين فقط ولكن يتجاوز الي الضغط علي الصحف ووسائل الاعلام المقروءة والمسموعة والمرئية وعلي الاعلاميين والصحفيين واصحاب الراي والمفكرين جميعا نعم كما قرات سيدي القارىء في امريكا بلد الحريات يتم مهاجمة اصحاب الراي والتاثير عليهم ويصل الي انهاء مستقبلهم المهني .
فمنذ ايام قليلة يوم 26/10/2023 مجموعة من الكتاب واصحاب الراي الامريكين اتهموا الاحتلال الاسرائيلي بارتكاب جرائم حرب مذابح ضد الشعب الفلسطيني ووقعوا علي خطاب او عريضة لادانة الاعتدءات الاسرائيلية واتهام اسرائيل بارتكاب جريمة ابادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني ومن بين الكتاب الموقعين علي هذه العريضة الكاتبة جاسمين هيوز وجيمي لورنز الكتاب في صحيفة نيويورك تايمز الامريكية وبعد ايام من توقيعهم علي العريضة اجبرت صحيفة نيويورك تايمز جاسمين هيوز علي تقديم استقالتها وفي نفس اليوم قد الصحفي جيمي لورنز ايضا استقالته وبعدة بعدة ايام فوجئنا ان اصحاب مجلة ارت فورم (Artforum ) وهي من اشهر المجلات الفنية في العالم قاموا برفد رئيس تحرير المجلة ديفيد فلاسجو بسبب نشره لمقالة تؤيد الشعب الفلسطيني وتدين الاعتداءات الاسرائيلية وتنتقد صمت المؤسسات الثقافية علي هذه الاعتداءات هذه الحوادث هي مجرد عينة من سلسلة حوادث كثيرة تعرض لها الكتاب والصحفيين واصحاب الراي ممن ينتقدون اسرائيل او يظهرون الاعتدءات الاسرائلية او حتي يظهر التعاطف مع الفلسطينين فيتم انهاء مستقبله المهني او اجباره علي الاستقالة
ففي حديث لرئيس مجلة ارت فورم المرفود بسبب دعمه للفلسطينين قال ( اشعر بخيبة الامل بسبب ان المجلة التي تنادي علي مدار عمرها بحرية التعبير قد خضعت للضغوط الخارجية .
والسؤال هنا لماذا تتحيز صحف كبيرة امثال #نيويورك #تايمز و#هيرالد #تريبون و#واشنطون #بوست ومؤسسات اعلامية شهيرة مثل سي ان ان لجانب الاحتلال الاسرائيلي وتكون ضد العرب والفلسطينيين ؟؟
بدأ الامر بعد اعلان دولة اسرائيل عام 1948 واعتراف امريكا بهذا الكيان سعي الاسرائيليون لتجميل صورتهم امام الراي العام العالمي والامريكي بشكل خاص فبدأوا بارسال دعوات للمشاهير الامريكيين من الكتاب والصحفيين والمذيعين ونجوم السينما و الغناء والفن لزيارة اسرائيل واظهار الجوانب الجميلة وقد لبي كثير من هؤلاء المشاهير الدعوة وقد لعبت هذه الزيارات دورا كبيرا في تشكيل الوعي العام للنخبة الامريكية من المثقفين والكتاب والمذيعين والذي اثر بدوره علي وعي الشعب الامريكي وقد حرص الاسرائيليون علي اظهار صورة ايجابية داخل اذهان الراي العام الامريكي فعلي سبيل المثال في حرب 1967 كان من الواضح جدا للجميع من الطرف المعتدي ومن المعتدي عليه الا ان الصحف ووسائل الاعلام الامريكية اظهرت ان الاسرائيليون هم الطرف الطيب والعرب هم الطرف الشرير الذي يجب قتاله واستعملوا في ذلك الصحفيين والمذيعين وصور تظهر الجنود الاسرائيليون المبتسمون وتم تعمد اختيار الجنود ذوي الاصول الاوروبية حتي يظهروا امام الراي العام الامريكي ان الاسرائيليون ينتهجون نفس المسار الامريكي وقد اثرت هذه الصورالفتوغرافية في وعي الشعب الامريكي والذي كان يري ان هؤلاء لايمكن ان يكونوا اشرار او معتدين او سارقين لحقوق الغير كل ذلك كان بهدف استمرار الدعم الامريكي لهم واستقاء المعلومات والبيانات من طرف واحد فقط وهو الطرف الاسرائيلي حتي ان لجنة الاعلام التابع لرؤساء المنظمات اليهودية الامريكية قامت بتصوير عدد من الصور الفتوغرافية التي تظهر الحياه الجميلة والجوانب الجيدة وتجانس الشعب اليهودي في اسرائيل وقامت بتوزيع هذه الصور علي ما يقرب من 1700 صحيفة عالمية شهيرة تصدر بشكل يومي في جميع انحاء العالم وبالفعل وكالات عالمية مثل اسوشيتيد برس تشرت هذه الصور مرفقة بمقالات عن جوانب الحياه الجميلة باسرائيل وظل هذا الوضع قائما حتي اعتداء اسرائيل علي لبنان عام 1982 ومع تطور وسائل الاعلام تم نقل الصورة الي المجتمع الامريكي ولم يستطع الجيش الاسرائيلي من منع الصحفيين ولا المذيعيين من نقل الحقيقة من مواقع الاحداث في بيروت و به ادانة واضحة للاعتداءات الاسرائيلية وفي رسالة لاحد الدبلوماسيين الاسرائيلين العاملين بواشنطن قال ان حرب لبنان كانت قاتلة لسمعة وصورة الاسرائيلين وتحرك الاسرائيليون سريعا لعلاج هذا الموقف
تطور الدعاية الاسرائلية من خلال لجنة كاميرا ( Camera )
قام عدد من المؤيدين لاسرائيل في امريكا بانشاء لجنة تسمي لجنة دقة التقارير الخاصة بالشرق الاوسط والمعروفة باسم كاميرا (Camera ) وتعمل هذه اللجنة علي مراقبة كل وسائل الاعلام الامريكية ومراقبة اي صحفي او كاتب او مذيع ينتقد اسرائيل فتقوم اللجنة بتوجيه اعضائها للاحتجاج ضد الصحيفة او القناه من خلال التظاهرات او الرسائل او الاتصالات التليفونية بصورة جماعية ومتكررة والتي يتم ارسالها الي رؤساء القنوات والصحف لاجبارهم علي الاعتذار او سحب ما قيل وغالبا يخضع اصحاب الصحف او القنوات للضغوط عندما يري كم هائل من الرسائل او المكالمات الاحتجاجية تتوجه ضده فيصاب بالقلقل ويشعر انه امام مشكلة كبيرة فيتراجع وكان عدد اعضاء لجنة كاميرا في عام 2005 تقريبا 55 الف عضو وفي حديث لرئيس سابق لشبكة سي ان ان انه احيانا كانت تصل له رسائل تقدر بما يزيد عن 6000 رسالة تنتقد مقالة معينة او حوار ضد اسرائيل وصحف كبري مثل (شيكاغو تريبيان ولوس انجيلوس تايم وواشنطون بوست ونيويورك تايمز ) وصلت لهم تهديدات انه سيتم مقاطعتهم بسبب كتابة مقالات لم تعجب الاسرائيلين
حتي ان بالتزامن مع #الانتفاضة #الفلسطينية عام 2002 احد المذيعن في الراديو الامريكي العام (N P R ) قال ان الانتفاضة الفلسطينة وهجوم اسرائيل علي الضفة الغربية احدثوا حالة تعاطف مع الفلسطينيين في العالم العربي واستشهد بالاغاني التي قام بها كبار المطربين المصريين في ذلك الوقت فقامت الدنيا ولم تقعد وانطلقت المظاهرات التي نظمتها لجنة كاميرا( Camera ) ضد الراديو الوطني الامريكي في 33 مدينة امريكية وحاول انصار اسرائيل بمحاولة قطع التمويلات عن الراديو الوطني لانهم يرونه متعاطف مع الفلسطينيين .
بأختصار :
في امريكا يمكنك توجيه السباب والشتائم للرئيس الامريكي
ولكن لا يمكنك مجرد انتقاض اسرائيل
ونلاحظ هنا ان عدد الامريكين اليهود 7.5 مليون تقريبا وعدد المسلمين الامريكين 3.5 مليون تقريبا
استطاع اليهود في امريكا نبذ الخلافات وتجميع انفسهم ليكون لهم اقوي صوت في امريكا من خلال اللجان التي تحمي اسرائيل مثل ايباك و كاميرا
وفشل المسلمون اكثر من مرة في تكوين لوبي اسلامي موحد لانه في كل محاولة لتكوين اللوبي الاسلامي تظهر الخلافات والنعرات القومية فتفشل المحاولة .