احذروا احذروا … فالأمر جلل لمن به خلل
كتب سمير ألحيان إبن الحسين
انتبهوا قبل نسحق كل الطيبين
أمر ما ألاحظه منذ زمن، ولا أزال ألاحظه…
ألاحظ أننا نساق في وسائل التواصل الاجتماعي إلى حيث يراد بنا ولنا…
يبدأ الهجوم صباحا على داعية أو عالم أو رجل صاحب تاريخ من العطاء لدينه وأمته… غير أن له زلة هنا أو هنّة هناك…
فما تلبث المدافع الكلامية أن تُنصَب، والمحاكمات الفيسبوكية أن تقام، ولا ينتهي اليوم حتى يصبح الرجل شيطانا!!
ثم إذا بالرجل بعد يومين أو ثلاثة يخرج ناقما على هؤلاء الذين كان يظنهم أطهر لسانا، وأعف لفظا، وأحفظ جميلا مما رأى وسمع…
وربما اعتزل الناس بعدها، ولم تعد تراه – إن رأيته- إلا ضيق الصدر غائر الجرح معتزل الناس…
كلمت العشرات من أصحابي وقت هاته الحملات على بعض هؤلاء الأعلام فأقسموا بالله أنهم لم يكتبوا في حق الرجل حرفا واحدا يسيء إليه، ولم يلوثوا أقلامهم بالنيل من هاته القامات حتى وإن رأوا فيهم بعض الاعوجاج، فبحور ماضيهم تغفر قطرات حاضرهم…
مررت على عشرات الصفحات من أصحاب العقول الراجحة، والنفوس الناجحة فلم أجد شيئا…
أيقنت أننا نساق سوقا إلى ذهاب الريح، وفقد الأعلام، وتناحر الصفوف، وتغير القلوب..
أيقنت أيضا أنهم قد زرعوا بيننا آلاف الناعقين الذين يهجمون أول الأمر بالمئات فلا ينتهي اليوم إلا وقد كرّ وانطلق معهم عشرات بل مئات الألوف!!
ونظرت خلفي فإذا بنا قد فقدنا مئات القامات، وتركناهم على قوارع الطريق مكشوفة ظهورهم هينة أمورهم..
وبعضهم قد التفت يمنة فلم يجد إلا طاعنا شاتما، والتفت يسرة فوجدهم مثل ذلك، ثم نظر وراءه فلم يجد إلا شياطين الإنس يفتحون أذرعهم فألقى نفسه في أحضانهم على كره منه، ثم لم يلبث أن صار منهم نقمة على من آذوه ممن ظنهم منا!!
لقد قبل النبي عودة عبدالله بن أبي السرح المرتد آنفا، وتوبة وحشي إبن حرب قاتل عمه، واستقبل عمر قاتل أخيه بعد إسلامه، وراسل صاحبه شارب الخمر داعيا إياه إلى التوبة، وعفا النبي عن حاطب وقد ارتكب خطأ كبيرا، وقبِل المسلمون طليحة الأسدي رغم ارتداده السابق وادعاء النبوة…
بينما بعضنا تلفظه الجموع -المصطنعة- لمقال كتبه أو لرأي قاله، أو لأنه ينتمي إلى الفريق هذا أو ذاك!!
نعم نحن نساق سوقا إلى كراهية بعضنا، وتفريغ صفوفنا من علمائنا ومفكرينا وقادتنا من خلال أناس يملكون قلة مهاجمة في وقت واحد فتنساق معهم الكثرة التابعة في جهل واضح، حتى كادث صفوفنا تخلو من الطيبين والمصلحين وقد كانوا بالعشرات والمئين.
وإن لم نستدرك الأمر فسنكون كمن ضربه خصمه ألف كف على قفاه، ومن فرط غفلته وغبائه لا يعرف مَن ضرَبه رغم أن الذي يقف بجواره شخص واحد!!
أعلم أن البعض له هناته وأخطاؤه لكنني أعلم كذلك أن الطريق الطويل قد يعتري بعض سالكيه بعض التذمر والتأفف جراء التعب والنصب، وواجب الرفقاء إيناس الرفيق المسافر لا إيحاشه!!
وهدا بسبب غياب جمال الروح وحسن الضن بيننا
قال ابن القيم الجوزية رحمه الله اعلم أن الجمال ينقسم قسمين ظاهر وباطن، فالجمال الباطن هو المحبوب لذاته، وهو جمال العلم، والعقل، والجود، والعفة، والشجاعة، وهذا الجمال الباطن هو محل نظر الله عز وجل من عبده، وموضع محبته، كما في الحديث الصحيح: “إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم”.
وهذا الجمال الباطن يزين الصورة الظاهرة ـ وإن لم تكن ذات جمال ـ فتكسوا صاحبَها من الجمال، والمهابة والحلاوة بحسب ما اكتست روحه من تلك الصفات، فإن المؤمن يُعطى مهابةً، وحلاوةً بحسب إيمانه، فمن رآه هابه، ومن خالطه أحبه، فالجمال الباطن من أعظم نعم الله تعالى على عبده.
ولما كان الجمال من حيث هو محبوبًا للنفوس، معظمًا في القلوب لم يبعث الله نبيًا إلا جميلَ الصورة، حسن الوجه، كريم الحسب، حسن الصوت، وكان صلى الله عليه وسلم أجمل خلق الله، وأحسنهم وجهًا.
فتوقفوا إدا عن إهدار رأس مالكم من الطيبين أيها المصلحون، فالمعركة طويلة
ولا تحتمل خسائر جديدة.
جريدة الوطن الاكبر الوطن الاكبر ::: نبض واحد من المحيط الى الخليج .. اخبارية — سياسية – اقتصادية – ثقافية – شاملة… نبض واحد من المحيط الى الخليج 