إِنَّ قَلْبي اليَوْمَ… لَيْسَ مَعي…
بقلم: د. ريتا عيسى الأيوب/هامبورغ
قَلْبي اليَوْمَ… لَيْسَ مَعي… فَقَدْ اخْتارَ أَنْ يُغادِرَني… إِلى بِلادي… وَإِلى عِنْدِ الأَهْل…
كُنْتُ قَدْ رَجَوْتُهُ… أَنْ يَصْبِرَ قَليلًا… فَلَعَلَّ أَحْوالَنا في تَحَسُّنٍ… إِلاّ أَنَّهُ أَبى أَنْ يَنْتَظِر…
سامَرْتُهُ اللَّيْلَ بِطولِهِ… وَناجاني هُوَ بِصَمْتٍ… كَعادَتِهِ قائِلاً: أَلا تَرينَ بِأَنَّني بِتُّ أَحْتَضِر؟
تَفاجَأْتُ بِسُؤالِهِ هَذا… وَكَأَنَّني جاهِلَةٌ… بِكُلِّ ما يَمُرُّ هُوَ بِهِ… فَهَلْ تُراهُ… عَنّي يُريدُ أَنْ يَنْفَصِل؟
تَلَعْثَمْتُ… أَثْناءَ مُحاوَلَتي الإِجابَةَ… إِذْ أَنَّني لَسْتُ بارِعَةً في المُراوَغَةِ… وَأُحاوِلُ دائِمًا أَنْ أَخْتَصِرْ…
أَرَدْتُ طَبْعاً… أَنْ أُهَوِّنَ عَلَيْهِ… كَعادَتي في غُرْبَتي دَوْمًا.. إِلاّ أَنَّني في هَذِهِ المَرَّةِ… قَدْ خانَتْني العِبَر…
فَنَفَذَ صَبْرُهُ… وَهُوَ الحَليمُ دائِمًا… لِأَنَّ الظَّرْفَ في هَذِهِ المَرَّةِ مُخْتَلِفٌ… بَلْ لَمْ يَعُدْ يُحْتَمَل…
ميلادُ المَسيحِ… قَدْ باتَ عَلى الأَبْوابِ… إِلاّ أَنَّ البُيوتَ في الوَطَنِ مَحْزونَةٌ… إِمّا لِمَوْتِ عِزيزٍ… أَوْ مِنَ القَهْر…
كَما أَنَّ هُناكَ بُيوتَ خَيْرٍ… مِنْ بَعْدِ مُغادَرَةِ أَصْحابِها… لِهَذِهِ الحَياةِ… سَوْفَ بِأَكْمَلِها تُغْلَقُ… أَوْ حَتّى تَنْدَثِر…
فَها أَنا أَسْتَسْلِمُ… أَمامَ رَغْبَتِهِ… إِلاّ أَنَّني قَدْ نَجَحْتُ… في إَقْناعِهِ… بِالصَّلاةِ مَعاً… إِلى أَنْ يَحينَ مَوْعِدُ السَّفَر…
وَما أَنْ بَدَأْنا بِتِلاوَةِ صَلَواتِنا… فَإِذْ بِهِ يَلينُ… وَيَحِنُّ عَلَيَّ… أَنا التي كُنْتُ مِنْ ناحِيَتِهِ… شِبْهَ قَدْ فَقَدْتُ الأَمَل…
فَسَأَلْتُهُ جاسِرَةً… عَنْ السَّبَبِ في تَحَوُّلِهِ… فَدَنا نَحوي… هامِسًا في أُذُني: أَرْجوكِ وَبِاللهِ عَلَيْكِ… أُتْرُكينا الآنَ مِنَ العَتَب…
الميلادُ عيدُ فَرَحٍ… فَدَعينا نَحْمِلُ البَهْجَةَ… أَنا وَأَنْتِ سَوِيَّةً… لِنُدْخِلها في كُلِّ بَيْتٍ… كانَ قُبَيْلَ العيدِ قَدْ اكْتَرَب…