(أيّها المارُّ في ليالي حزننا)

(أيّها المارُّ في ليالي حزننا)
شعر/هنيبعل كرم
أيّها المارُّ في ليالي حزنِنا الكافرة،
ماؤنا وَحْلٌ تجبَّر،
فوضى تثرثرُ وراءَ الأبواب،
هباءُ شعرٍ تكبَّر…
دخانٌ يبني في الرّمل ممالكَ عابرة،
وجوهٌ كدُودٍ لم يشبعْ من جثّةٍ،
أملٌ يرتفعُ إلى تحتُ،
حبٌّ في أسلاكٍ حديديّةٍ،
أيدٍ تنهشُ جرحًا في خاصرة،
بردٌ… في بيوتِ النّاصرة،
ونارُنا… نارُ حقدٍ يشتعل!
أيّها المارُّ في ليالي حزننا الكافرة،
امسحْنا بماء…
أعينُنا هذا الحاضرُ الذي مضى،
والتّاريخُ عندَنا رجلٌ
لمّعَ حذاءَ أيّامِه بأماني أطفالِنا،
حملَ كُرسيَّه كطاووسٍ فوقَ مِزبلة،
صاحَ بالزّمنِ منتفِخًا:
قفْ على أعتابِ أبي
ليحملَني الجَمْعُ ومَن ضمَّتْ مجالسُنا
على الرّاحاتِ، على الآهاتِ،
إلى الغيمِ، إلى الغمامِ، إلى السّحُبِ،
إلى كلّ المرادفاتِ في لغتي المتذاكيةِ الغابرة،
أنا نيرونُ الجنونِ!
أنا الملكُ الأحدُ في الأحلامِ والأوهامِ!
أنا الماءُ الزّلالُ!
أنا الزّيتُ في الخوابي الخاوية!
كان أبي يخرجُ إلى النّاسِ فقيرًا
ليعودَ ثريّا،
والوطنُ يخرجُ من صوته
ويعودُ أبيّا…
كان أبي،
إنّ أبي،
قال أبي،
كان أبي… قال أبي…”.
أيّها المارُّ في ليالي حزنِنا الكافرة،
كنْ هنا، كنْ معي
نفكَّ حصارَ الرّياحِ عن وجوه المَوتى،
لن يكونَ الموتُ السّبيلَ الوحيدَ،
قليلٌ منه لا يكفي،
لأموتَ، أحتاجُ كونًا يقف كالمرآةِ
أمامَ وجهي،
ينظرُ فيها، ويصيحُ:
ذلكَ الغبيُّ لم يعدْ بعدُ!
أيّها المارُّ في ليالي حزننا الكافرة،
امسحْنا بماء…

شاهد أيضاً

كف الضياء

كف الضياء …………. بخل الزمان ينهي الجفاء ويسعد الفؤاد نور الرجاء اراك تمزق ثوب النقاء …