أهزوجة ُ البَوْح

أهزوجة ُ البَوْح
بقلم الشاعرعبد الله ضراب الجزائري
***

اهزوجة البوح وإن بدت رقيقة ً إلاّ أنّها حازمة ، تنكأ الجروح ، وتفقأ القروح ، شفقة على المطروح ، وقد بعثتُ بها لأنَّ السّاقطين
والجرحى كُثُرْ ، فالمعركة في خُسُرْ ، فخذوها من الرّوح الى الرّوح ، وتحمّلوا جراحة القلب المفتوح .
***
وُلِدْناَ والصَّبابة ُ في الجَواءِ … ولكنَّا نميلُ إلى الحياءِ
فنكتمُ والهوى في القلب نارٌ … تَوَقَّدُ كالمجامرِ في الخفاءِ
وإنَّا إن تَحكَّم وَدُّ حِبٍّ …غرقنا باصطبارٍ في البلاءِ
ولكنَّ الفؤادَ سداه ُلحمٌ …طريٌّ لا يُقيم على العَناءِ
وقد يُفشي اللّسان دفينَ صدرٍ … بشعرٍ كالدُّموعِ وكالدِّماءِ
وجدتُكِ يا فلانة ُ جرحَ قلبي … فأنتِ ليَ الدَّواءُ وأنت دائي
ذرفتُ لكِ القوافيَ في حُنُوٍّ … مُضمَّخة ً تَقاطَرُ من دمائي
وبتُّ لكِ اللَّياليَ مُستغيثا … أعيذكِ أن تُضَرِّي أو تُسائِي
ففيضي يا حنونة بالحنانِ … وجودي يا سخيَّة ُ بالصَّفاءِ
خُذي قلبي المتيَّمُ عَلِّليهِ … أذيقيه السَّعادة بالوفاءِ
أنيليني السَّماحة دون دغْلٍ … فإنِّي قد سئمتُ من الجفاءِ
وأخشى أن أموت وأنت غضبى … فيحرمُني دعاؤُك من جزائي
***
أحاولُ أن أبوح لها بِعُذري … فتزجُرني وتجهشُ بالبكاءِ
وتزعم بالهوى أنِّي غليظ ٌ … قسوتُ على الرَّقيقة في رُوائي
بذلتُ لها النَّصيحة من فؤادي …فعافتها وردّت بالعِداءِ
وراحتْ تقتفي ذئباً خبيثا … غَوِيًّا مُستزلاًّ للظِّباءِ
تنائَيْ عن رُوَيْعٍ ذي شرورٍ … إذا شئتِ التَّملصَ من هجائي
لكِ البيتُ المُحصِّنُ فالْزِميهِ … ودعكِ من التَّسكُّعِ في الخلاءِ
لكِ البعلُ المكلَّفُ أسعديه … فهذا الحقُّ من وحي السّماءِ
نصحنا والنَّصيحة ُ من هُدانا … فلا تُزري النَّصيحة بالغباءِ
وما طبعي غوياًّ أو سفيهاً … لأطعن دون عذر في النِّساءِ
ولكنِّي رأيتُ الدِّين غَرْضاً … ويرمى بالحماة الأغبياءِ
سلِي النَّفس الغَويَّةَ ماذا تبغي … فلا تُلغى الحقائقُ بالعماءِ
أمِنْ أجلِ المتاع تُهِنَّ عِرضاً … أما تُرجى القناعة ُ للوفاءِ
أمِنْ أجلِ التَّرفُّهِ والتَّباهي … تدعنَ الحصنَ في زمنِ الدَّهاءِ
وتزعمنَ التَّنزُّهَ والتَّسامي … ألا تخجلن من زعمِ الهُراءِ
فيا عيرَ المطامع صُنَّ دينا … رماه الجهلُ بالفهم المُساءِ
أتطلبن التَّطوُّر بالتَّردِّي ؟ … فمرحى للتَّقدُّم للوراءِ
أتنشرن الفضائل بالتَّدنِّي ؟ … قَرِفنا من كلامٍ كالفُساءِ
وأخشى أن يحلَّ بنا هوانٌ … فتنشرنَ الفضيلة بالغناءِ
وأخشى أن تقفن على المنابرْ … تدغدغنَ المشاعرَ بالعُواءِ
أتهجرنَ البيوت لخوفِ فقرٍ … وجبرا للمعيشة من غلاءِ ؟
ألا أين الرِّضا فالفقرُ ضرّ … يُداوى بالتَّعفُّفِ والرِّضاءِ
ولا يُزرى لأجله بالحريم … فيسترزقن من شبه البِغاءِ
فأين الدِّين إن زُجَّت نساءٌ … لأجل الخبز في سوق الخناءِ
وتعلمن المناهلَ مثل علمي … فهل ترجعن للحقّ المُضاء ؟
فسعيُ المرأة العصماءِ حقٌّ … إذا اضطرَّت لعذرٍ من قضاءِ
كفقْدِ الكافلِ الكافي ، وتسعى … بشرط السِّتر في شُغلِ النَّقاءِ
وزاد الشُّغلُ فاحتجنا لأنثى … كما لزِمَ التَّخصُّصُ للنِّساءِ
فأين العذرُ إن وُجدَ المُعيلُ ؟ … ودربُ الكدح تزخرُ بالقَذاءِ
وسوق الشُّغلِ قد كسدتْ فأضحى … رجالُ الكدح في حُفَرِ البلاءِ

شاهد أيضاً

الدرورة يشعل البخور مجددًا

كتب: سعيد بدر تم النشر بواسطة:عمرو مصباح   قريبًا يحتفي الدكتور علي الدرورة بتدشين موسوعته …