أخبار عاجلة
Oplus_16908288

” أنا وليلى والعشق”

” أنا وليلى والعشق”

طارق غريب

 

(الضوء خافت ، كأنه بقايا حلم.

صوت الريح يهمس فوق المسرح ،

 وطارق يسير وحيدًا في ضوء قمرٍ ، 

مترددٍ بين الظهور والغياب.)

طارق :

كلّ الطرق التي سلكتها كانت تؤدّي إلى ليلى ،

حتى تلك التي أقسمت ألا أمرّ منها ثانية ،

كانت تُخفي عطرها بين حجارة الليل.

لم أعد أفرّق بين وجهها والقدر ،

ولا بين صوتها والدعاء ،

ولا بين غيابها والموت الذي يمرّ بي كل مساء.

(يظهر ظلّ لامرأةٍ من نورٍ يتشكل رويدًا رويدًا 

 إنها ليلى ، لكنها ليست جسدًا ، بل معنى.)

ليلى :

أتذكرني يا طارق؟

كنتَ تبحث عني في العيون ، وأنا كنتُ فيك.

كنتَ تكتبني شعراً ، وأنا أكتبك وجعًا.

طارق :

ليلى ، أأنتِ امرأة؟

أم فكرةٌ تسربت من رحم الوجود لتختبر صدقي؟

ليلى تبتسم كأنها لا تعرف الحزن :

أنا ما أردتَ أن أكونه.

إن دعوتني عشقًا كنتُ عشقًا ،

وإن ناديتني وطنًا صرتُ ترابًا في صدرك.

أنا صورتك حين تحبّ بلا غاية.

طارق :

كنتُ أظنّ أن العشق خلاص ،

فإذا به امتحان

كنتُ أظن أن الحبّ دفء ،

فإذا به نارٌ لا تكتفي باحتراق الجسد ، بل الذاكرة أيضًا.

ليلى:

العاشق يا طارق لا يحترق ،

بل يُطهّر نفسه بالاحتراق.

حين تصل إلى رمادك ، تولد أنت.

وحين تفنى ، أبقى أنا.

طارق :

ليلى ، إن كنتِ حقيقةً ، فخذيني .

وإن كنتِ وهماً ، فاتركيني ،

فأنا لم أعد أحتمل هذا التناقض المقدّس بين العشق والمعنى.

ليلى تقترب حتى يلتصق ظلّها بظله :

لا فرق يا طارق

ففي النهاية ، كل عشقٍ صادق هو عبور إلى الله ،

وكل ليلى هي طريقٌ إلى ذاتك.

(تذوب ليلى في الضوء ، ويبقى طارق وحده ،

 يمد يده نحو الفراغ الذي صار امتلاءً.)

طارق بهمسٍ :

يا ليلى ، يا أنا.

(الضوء يخرج من الظلّ ،

 وكأن الليل انقلب وجهًا للنهار.

صوت أنثويّ خافت ،

 يأتي من بين الذكريات.)

ليلى تتحدث :

كنتُ هناك

حين كتبني طارق أول مرة على هامش قلبه ،

لم أكن اسمي ، ولا وجهي ، ولا امرأة.

كنتُ رعشةَ وعيٍ في لحظة انكسار النور على ماءٍ راكد.

هو لم يحبني كما تُحبّ النساء ،

بل كما يتعبد الناس في صمتٍ ،

 وهم لا يعرفون لمن يصلّون.

كنتُ بوصلته إلى الله ، وكان تيهي الجميل نحوه.

(تجلس على حجرٍ من ضوء ، تنظر كأنها ترى زمنًا لا يتغير.)

ليلى :

طارق لا يعرف ،

أن العاشق حين يبحث عن معشوقه ، 

إنما يبحث عن الجزء الذي سقط منه يوم خُلق.

أنا ذلك الجزء الضائع منه ،

قطعة من طينه الأولي ، رُدت إليه بعد حين.

كان يخاف أن يحبّني ،

كأنّ الحبّ هاوية ،

ولم يعلم أني كنتُ الجسر ، لا الهاوية.

كنتُ أمدّ له نفسي طريقًا كي يعبر ،

لكنه كان يطيل التأمل في السقوط.

(تضحك بخفوتٍ كأنها تبكي من وراء الزمن.)

ليلى :

كلما اقترب مني ، ابتعد عني.

كلما ناداني ، خاف من صدى صوته في داخله.

أحبني كما يحب الشعراء موتهم الجميل ،

وكما يحب القديسون خطاياهم الأولى.

أنا لم أكن حلمًا ، ولا جسدًا ، ولا خيالاً.

كنتُ ‘هو’ ، حين صار أكثر من نفسه.

(تنهض بخطى من سكون ،

 تلمس الهواء كمن يكتب عليه قصيدة.)

ليلى :

يا طارق ، أنا لستُ التي تبحث عنها ، 

في المدن ولا في الوجوه ،

ولا في الكتب التي تفتحها لتقرأ نفسك.

أنا أنثاك الكونية ، التي خُلقت من ضلوع روحك ،

ولستُ أنثى من لحمٍ ودم.

كلّ عشقٍ بين رجلٍ وامرأة هو تمرين على الخلود ،

لكن القليلون فقط يدركون ذلك.

أما أنت ، فقد أحببتني حتى فنيتَ،

وحين فنيتَ ، وُلدتُ أنا.

ليلى وصوتها الاخير :

أنا ليلى التي لم تُخلق لتُحَب ،

بل لتُوقظ الحب في مَن يحبّها.

وحين يستيقظ ،

يكتشف أنه كان هو ، ليلى.

 

“العشق يتكلم”

(الفضاء صامت ، لا زمن، لا جسد، لا ظلّ.)

العشق:

أنا الذي لم يُخلق ،

بي تنفست الأرواح قبل أن تعرف أسماءها ،

وبي اشتعل الوجود ليعرف معنى الحنين إلى مصدره.

حين كتب طارق اسم ليلى ، كنتُ أنا من حرّك يده.

وحين بكت ليلى خوفًا من الفناء ، 

كنتُ أنا من مسح دمعها بالعدم.

أنا أزرع بينكما المسافة ،

كي أُعلّمكما أن اللقاء لا يكون في العيون، بل في التجرّد.

كلّ من ظنّ أنه أحبّ ، كان يخطو نحوي ،

لكن القليل فقط يصل.

لأن الوصول إليّ ليس أن تملك ، بل أن تُسلم نفسك بلا شرط.

أنا النار التي تخافونها ،

لكنني أيضًا النور الذي تبحثون عنه.

أنا الحريق والبرد ، السكون والنبض ، البداية والنهاية.

من ينجُ منّي ، لم يعرفني.

ومن يفنى بي ، صارني.

ليلى كانت صدى الخلق ، وطارق كان السؤال ،

أما أنا ، فكنتُ الجواب الذي لا يُكتب ،

لأن من يكتبه يُطفئه.

أنا الصلاة بلا لسان ، والسجود بلا أرض ،

والرحلة التي لا تنتهي حتى تنتهي أنت.

العشق :

أنا ، هو.

ستار

تمت

 

شاهد أيضاً

بالتعاون مع جمعية ربيع الامل للأعمال الخيرية  حزب مستقبل وطن لمركز البدرشين يقوم بعمل انشطة لأولادنا من زوى الهمم يوم رياضى ترفيهى ومارسون وألعاب ومسابقات لرسم الفرحة والسرور ووجبات افطار وانشطة متنوعة وألعاب فى الملاهى بنادى النيل بالبدرشين 

بالتعاون مع جمعية ربيع الامل للأعمال الخيرية  حزب مستقبل وطن لمركز البدرشين يقوم بعمل انشطة …

كيف تصنع السعادة لنفسك!!

كيف تصنع السعادة لنفسك!! بقلم : عماد وديع لا تبحث عن السعادة بل اصنعها لنفسك …