أفكار بصوت مرتفع
زينب كاظم
سنسلط الضوء في هذا المقال على موضوع غاية في الحساسية والخطورة على الإنسان وعدد الناس الذين يعانوه ومن كل الفئات العمرية في تزايد مستمر الا وهو الوحدة التي يصل تأثيرها على الإنسان نفسيا وعضويا ومجتمعيا كتأثير المخدرات او الكحول التي تأكل صحة الإنسان تدريجيا حتى ينهار ويموت بصمت اليم ،لأن الوحدة تصيب الإنسان بالكآبة
وغيرها من الامراض النفسية الخطيرة التي تقضي على سعادة الإنسان وشعوره بمتعة الحياة وسيكون فريسة سهلة للذكريات المؤلمة والطاقة السلبية والدموع ،وهناك أسباب كثيرة للوحدة كل حسب ظروف حياته فمثلا هناك أم وأب أكملوا رسالتهم تجاه أبناءهم وأوصلوهم بمراكز مجتمعية ودراسية راقية وزوجوهم فإنشغل الأبناء كل بحياته ونسوا آباءهم وامهاتهم ولم يكلفوا أنفسهم رفع سماعة الهاتف للسؤال عن الأبوين او أحدهما أن كان أحد الأبوين متوفي وهذا شئ مؤسف وموجع بحجم السماء والأرض فكبرياء الأب والأم يمنعهم من فرض أنفسهم على أبناءهم فيظلوا يعانوا الوحدة وهم بأمس الحاجة للإهتمام والإحتضان والكلمة الطيبة قال الله عز وجل في كتابه العزيز القرآن الكريم (وقل ربي إرحمهما كما ربياني صغيرا )وقال الله عز وجل أيضا (وبالوالدين إحسانا أما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما اف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما )
والوحدة لكبار السن خطرة جدا على صحتهم العقلية والنفسية والجسدية وقد يصابوا فيما بعد بالزهايمر من الوحدة او بغيره من الأمراض ، والإيقاع السريع للحياة جعل الناس تنسى السؤال عن بعض فيكثر عدد الوحيدين ،وقد يكون سبب الوحدة أن الإنسان اختارها بإرادته لأنه خذل من المجتمع ومن الناس فكبرت العقدة من الآخرين داخله لأنه اصيب من فوبيا الخذلان او النفاق او الكذب وأكثر المتأثرين بذلك أصحاب القلوب الحساسة العاطفيةومرهفي الحس ،
او يكون سبب إختيار الإنسان للوحدة الكآبة والتي يكون سببها المجتمع كما أشرت ،
وهناك أسباب اخرى للوحدة مثل ظروف الإنسان وسفر عائلته أو وفاتهم وقلة عدد أقاربه المتواصلين معه وهذا النوع من الناس وحسب الدراسات النفسية التي توصل لها علماء النفس يكونوا صداقات مع الناس جميعا ويقفوا مع الكل مواقف مشرفة فيزوروا مريضهم ويساعدوا محتاجهم ويخففوا عنهم همومهم بالكلمة الطيبة بالمواقف الحرجة لكنهم لا يجدوا من يقف جنبهم في وحدتهم ولا يجدوا من يخفف همومهم ويمسح دموعهم لأنهم لا يريدوا الاخرين يأخذوا منهم طاقة سلبية لأنهم يخافوا على مشاعر من حولهم ولا يريدوا ان يشاركهم احد احزانهم لأن لسان حالهم يقول الناس فيهم ما يكفيهم ولا أريد أن أحمل أحد فوق طاقته التحملية ،هناك مثل مصري يقول (صديق الكل وحداني )،لكن قد يتفق الجميع بخطورة الوحدة على الإنسان نفسيا وجسديا اذ انها تستنزفه شيئا فشيئا ،وقد يكون الانسان قد تعلم وثقف وطور ذاته لكن كل من حوله لا يفهموه لأنه صار حكيما فاهما راقيا والناس بطبيعتهم عمليين او بعيدين عن أفكاره تماما لذلك يختار الوحدة ،والوحدة لها محاسن أيضا فهي تجعل الإنسان يرتب أفكاره وينظر للعالم عن كثب ويحلل ويدقق فتكون له هالة الهيبة الجذابة وتجعله (أما ان ينطق خيرا او يتجمل بالسكوت )والصمت المهيب وتجعله يفكر قبل ان يتحدث ،والوحدة او العزلة تبعد الإنسان عن نفاق المجتمع الخانق والحقير ،وتجعله يتقرب لربه أكثر ويصادق خالقه ويشكو له همومه ويصلي بخشوع ودموع تفرغ طاقاته السلبية ،وتجعل الإنسان راقيا مترفعا عن الصغائر ويتحاشى الصدام مع صغار العقول وبعيد عن إيذاء أحد ،
لكن يجب أن يدرك الإنسان إن الوحدة الدائمة ستنتهي به للجنون والامراض العضوية والنفسية المختلفة لذلك يجب ان يتخلص من ذلك بممارسة الرياضة او التواصل الطيب مع الاخرين وقراءة القرآن والدعاء اوإختيار شخص من المقربين او الأصدقاء هناك تواصل روحي او كيمياء بينهما ،
نسأل الله العافية والسلامة والسعادة للجميع .